الغشاشون الجدد!
عبدالله المزهر
الغين والشين أصول تدل على ضعف في الشيء واستعجال فيه. من ذلك «الغش». والغش عكس النصيحة، ولا أظنكم تحتاجون من يخبركم بما تعني كلمة «غش» في اللغة ولا أصلها ولا جذرها.
والغش أيها الأفاضل والفاضلات مثل أي شيء آخر، يناله التطور والتقدم في أساليبه وطرقه. وقد كان الغشاشون في أزمنة مضت معروفين ومميزين يكرههم الناس ويتعاملون معهم كرها واضطرارا.
الغشاشون الجدد هم فئة جديدة من الغشاشين تكمن خطورتهم في أن الناس لا يعتقدون أنهم كذلك. هم يمارسون شيئا قريبا من الإعلانات التجارية مدفوعة الثمن.
والإعلان التجاري المباشر قد ينطوي على نوع من الغش والتدليس إلا أن معاشر المستهلكين يعلمون أنه إعلان، وأن الذي يبتسم في دعايات معجون الأسنان ربما لم ولن يستخدم ذلك المعجون في حياته. ويعلمون أيضا أن الشعر الغجري الذي يسافر في كل أرجاء الدنيا في دعايات الشامبو ليس حقيقيا. ولهذا تبدو الإعلانات التجارية في وسائل الإعلام غشا مقبولا ومستساغا وإن كانت لها ضحاياها أيضا من أولئك الذين ابتلاهم الله سبحانه بداء تصديق كل شيء. والذي يصدق نشرات الأخبار لا يستغرب عليه تصديق أي شيء آخر، نسأل الله السلامة من كل شر.
الاختلاف بين الإعلان التجاري التقليدي والإعلان الذي يمارسه الغشاشون الجدد هو أن هؤلاء يحاولون إيهام المستهلك أن ما يقومون به ليس إعلانا وأنه مجرد نصيحة محب يريد أن يشارك الناس السعادة التي تدب في أوصاله.
ويتواجد هؤلاء في وسائل التواصل الحديث وخاصة «السناب شات»، فيدخل مطعما ثم يتصور مع وجباته ومواعينه ويخبر الناس بأنه عثر عليه مصادفة، وأنه ينصح الناس بزيارته، أو يستنشق عطرا أو يتصور بجانب كيس من الأرز من ماركة معينة يحدث الناس عن الزكاة وفضلها وأحكامها.
وقد انخرط في هذا النوع من التدليس خلق كثير من المشاهير في شتى مجالات الحياة، كالفنانين والدعاة وحتى المشاهير الذين لا يشتهرون بأي شيء.
وعلى أي حال..
إلى أن تتدخل الجهات المعنية وتضبط هذه الإعلانات ـ وأظنها لن تفعل ـ فإني أنصحكم بألا تصدقوا أي أحد، وأن تتعاملوا مع قصص مشاهير وسائل التواصل كما تتعاملون مع الإسرائيليات، وإن كان الأحوط ألا تتعاملوا معها على الإطلاق.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/07/17