آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي سعد الموسى
عن الكاتب :
- دكتوراه في الأسلوبية والنقد الاجتماعي للغة من جامعة أسكس. - بكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بأبها. - ماجستير في اللغويات النظرية من جامعة كلورادو.

مغارة علي بابا: قصة فساد

 

علي سعد الموسى

 لا أتذكر أبدا آخر مرة كتبت فيها عن الفساد ولا آخر مقال وردت فيه هذه الكلمة بحروفها الشهيرة الأربعة. اعتزلت الكتابة عن الفساد حين اكتشفت أن القراء والمجتمع والجمهور قد تشبعوا حد الملل من هذه المفردة. أصبح القارئ مع مقالات الفساد مثل مشاهد نشرة الأخبار حين يضغط فورا على جهاز (الريموت) ليذهب إلى قناة (وناسة) حين تبدأ أخبار ليبيا وسورية وفلسطين. ورغم هذا سأحيلكم إلى هذا الخبر: هيئة مكافحة الفساد تحيل إلى هيئة الرقابة وديوان المراقبة العامة أوراق معاملة اختلاس لموظفي مستشفى حكومي قاموا باستلام توريد أجهزة صحية وختموا بالتواقيع على العقود دون أن يصل للمستشفى منها مسمار واحد. وفي ذيل الخبر: ستحال الأوراق إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال مسار القضية تمهيدا لإحالتهم إلى المحكمة الجزائية. وبالطبع، وهذا من عندي، سيلجأ هؤلاء إلى محكمة الاستئناف ومن بعدها سيجدون ثغرة قانونية على ثلاثة شوارع بالذهاب إلى المحكمة الإدارية (ديوان المظالم سابقا).

تذكرت (مغارة علي بابا) حين قرأت هذا الخبر بكل أزقتها ودهاليزها المختلفة. والخلاصة أن أمام هؤلاء المفسدين ثلاث هيئات وديوانا واحدا وثلاث درجات من المرافعة والتقاضي أمام الحكم. أمامهم في الطريق سبع مربعات كاملة للشفعة والتبرير والوساطة. إن لم يجدوا (أحمد) في هيئة المراقبة فسيجدون (يوسف) في الديوان، وإن لم يعثروا عليه فسيذهبون إلى (عيسى) في هيئة التحقيق والادعاء العام. وعلى افتراض أن مواهب نفوذ أحمد ويوسف وعيسى وزياد لم تنفع في إنقاذهم من الحفرة؛ فسيذهب هؤلاء إلى نفوذ ومواهب ثلاثة أسماء في المرحلة الثانية من مسار القصة أمام درجات التقاضي الثلاث. وعلى الافتراض ثانية، أن كل هذه الأسماء السبعة لم تجد نفعا فماذا سيحصل؟ سيذهب هؤلاء الفسدة إلى السجن يوم الثامن عشر من شهر شعبان وهو اليوم الذي يعرفه جيدا كل مجرم وفاسد في هذا البلد، وفي يوم العاشر من رمضان سيمثل هؤلاء أمام لجنة اختبار لحفظ القرآن الكريم الطاهر المقدس ثم تصدر توصية العفو لأن هؤلاء اجتازوا حفظ عشرة أجزاء كاملة، وما شاء الله وتبارك، في أقل من 20 يوما، وهذه الفضيلة أصبحت (معجزة) لا ينالها سوى المهرب والمدمن والفاسد.


اخجلوا من أنفسكم لأن كتاب الله الكريم أصبح تحويلة براءة وطهر وعفاف لكل هؤلاء الذين امتهنوا حياتنا وأفسدوها. اخجلوا من أنفسكم لأننا أمام قصة واضحة صغيرة قصيرة لتوريد واستلام أجهزة لم تصل للغرفة الواسعة المفتوحة في مستشفى حكومي، فلماذا ندخل منها إلى (مغارة علي بابا)؟ ولماذا تتوسع إجراءات الهيئات والدواوين والمحاكم لإنقاذ هؤلاء من مهزلة مكشوفة؟

صحيفة الوطن أون لاين

أضيف بتاريخ :2015/12/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد