الأنفس المحتارة في فهم أنظمة الوزارة
عبدالله المزهر
كنت أود أن أكتب مقالا أشرح فيه نظام الإجازات لموظفي القطاع الحكومي بعد التعديل الذي طرأ على التعديل لكي أبدو مفيدا نافعا للموظفين الكادحين في الأرض، والساعين في مناكبها. ولكن المشكلة أن تفسير القرارات والأنظمة التي تطبخها وتعدها الخدمة المدنية يعد شيئا يصعب على أمثالي من العامة والدهماء مجرد قراءته ناهيكم عن فهمه وتفسيره.
والحقيقة أني لا أفهم لماذا تظهر بعض الأنظمة وكأنها تتعمد أن يساء فهمها وأن يختلف عليها وعلى تفسيراتها. ما المشكلة في الكلام الواضح المباشر الذي لا يحتمل التأويل؟!
وقد أحسنت الظن وحاولت إقناع نفسي بأني الوحيد الذي لا يفهم أنظمة وزارة الخدمة المدنية، ثم اكتشفت أن هذا مما عم به البلاء، وهذا ما خفف علي الأمر وجعلني أؤمن بأني بشر طبيعي من حقه أن يسيء الظن كما يفعل بني جنسه.
وبما أن هذه المشكلة لا يبدو أنها في طريقها للحل قريبا فإني أقترح إنشاء أقسام في الجامعات لدراسة أنظمة الخدمة المدنية فهي علم لا شك أنه أصعب من علم «المواريث» وأكثر تعقيدا. وربما أيضا دعم مجال التأليف في هذا المجال وإثراء المكتبات بكتب قيمة من عينة «أقوال البرية في شرح صحيح الخدمة المدنية»، أو مصنف «دليل الأنفس المحتارة في فهم أنظمة الوزارة» وما شابههما من الكتب التي تعين الموظف طالب العلم على فهم النظام والعمل به.
ويقول بعض المغرضين ـ قاتلهم الله ـ إن صياغة الأنظمة بهذه الطريقة يجعل تكييفها متاحا لأي احتمال يريده المسؤول، فيمكن نفي ما قد يفهمه الناس، أو إقناع الناس بما ينفونه، وهذه حنكة ودهاء في غير موضعهما، فالأمر لا يحتاج لكل هذه التعقيدات والمصطلحات المعقدة والكلام الذي يصعب فهمه والعمل بموجبه.
وعلى أي حال..
قد يكون من المفيد لهذه الوزارة الفتية ـ وغيرها من الوزارات بالطبع ـ أن تؤمن بأن أنظمتها ليست نصوصا تشارك بها في مسابقات خاصة بالحداثة وما بعد الحداثة، ولكنها أنظمة يفترض أن تكون واضحة لا لبس فيها حتى يفهمها من صيغت من أجله.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/07/26