انتبه حتى لا يكون منتجك فنكوشا عظيما!
عبدالله المزهر
أحد الأصدقاء يحدثنا دائما عن مطعمه الذي يتميز دون مطاعم العالمين بجمال المكان ونظافته، وبأن وجباته كلها لذيذة، وأن العاملين فيه هم الأكثر رقيا في مجرة درب التبانة، وفي كل مرة نلتقيه لا يكف عن وصف إعجاب الزبائن ودهشتهم التي لا تفارق وجوههم في كل مرة يدخلون مطعمه. وهذا شيء يمكن تحمله لولا مشكلة واحدة فقط، وهي أن هذا المطعم غير موجود ولم يخط صاحبنا أي خطوة للبدء في إنشائه، وليس لديه في رصيده أكثر من 250 ريالا هي كل ما تبقى من راتبه.
وهو بذلك يشبه بعض الجهات التي تعلن كثيرا عن أشياء غير موجودة، متجاهلة أن أفضل دعاية لأي منشأة هي عملها، ولا أجد ضيرا ولا بأسا في استعانة بعض الجهات بشركات علاقات عامة للترويج «لمنتجاتها» وتعريف الناس بها وتحسين صورتها أمام العالمين. هذا أمر مباح ولا حرج من استخدامه. لكن استخدام هذه الوسيلة يلزمه شرطان مهمان لا فكاك من وجودهما، ودونهما تصبح الحملة الإعلامية هباء منثورا وربما ويلا وثبورا.
أول هذين الشرطين أن يكون المنتج الذي تعلن عنه وتروج له موجودا فعلا. وأن يكون وجوده قبل البدء في الحملة الدعائية وليس العكس كما حدث في «فنكوش» عادل إمام في فيلمه المعروف.
أما الثاني فحاول ألا تكذب كذبات كبيرة جدا بحيث يسهل كشفها. لا بأس من بعض التدليس والكذبات الخفيفة التي لا تجلط «الزبون».
النصيحة الأخرى التي سأقدمها ـ مجانا ـ لأصحاب المنتجات الذين يروجون لمنتجاتهم بين الناس هي أن نظرية «اكذب اكذب حتى يصدقك الناس» تصلح للاستخدام في المجال الفكري والسجالات السياسية فقط. لكنها لا تصلح أبدا للاستخدام مع الماديات والأشياء الملموسة.
وعلى أي حال..
حين تروج لمنتج (بيت أو سيارة أو قطار أو سفينة أو مركبة فضائية، إلى آخر الأشياء التي يمكن أن يقتنيها الناس) فلن يجدي نفعا حين تكذب وتقول إنها موجودة، وإن الناس يستخدمونها وإنها أدهشت الثقلين، وإن جامعات العالم تقف مشدوهة متعجبة من قوة وفخامة منتجك. الناس لن يصدقوا هذه الكذبة حتى لو كررتها مئتين وخمسين مليار مرة. سيصدقون فقط حين يلمسون هذا الشيء بأيديهم ويرونه واقعا أمامهم حتى لو لم تعلن عنه، ولم تنفق الأموال للحديث عنه.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/07/30