تمور المدينة.. أوضاع مؤسفة ومشينة!
عبدالغني القش
يعرف عن المدينة المنورة منذ عصور قديمة وفرة أشجار النخيل فيها، حتى إنها عرفت قديما بواد ذي نخل بين حرتين، وهذا التعريف من أشهر علامات هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها.
وفي المدينة أكثر من 70 نوعا من أنواع التمور، منها ما يؤكل رطبا وأكثرها يؤكل تمرا وهو أجودها وأغلاها ثمنا.
والتمر منجم من الفيتامينات، إذ يسمى بذلك لكثرة ما يحويه من العناصر المعدنية مثل الفسفور والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم والصوديوم والكبريت، كما يحتوي أيضا على فيتامينات فضلا عن السكريات السهلة البسيطة في تركيبها ويمتاز بالعديد من الفوائد الصحية.
وقد تمت مؤخرا الموافقة على تأسيس الجمعية التعاونية للتمور بالمدينة المنورة، ويرجى أن يكون لها الأثر الملموس على التمور من جميع النواحي الزراعية والاقتصادية والتسويقية والتصدير وغيرها.
كم أتمنى على القائمين على اقتصاديات العمرة منح الاهتمام والعناية بتمور المدينة المنورة وحينها تصنع فرص توظيف عديدة. وأن نجد معامل راقية ومختبرات لفحص جودة للتمور، وهذا سيؤدي قطعا لإيجاد بورصة للتمور ومصانع متقدمة تنتج عنها شركات تسويق، وإعادة النظر في وضع ما يعرف حاليا بثلاجات التمور ووضعها!
وأتساءل عن دور وزارة البيئة والمياه والزراعة البائس في عملية تطوير زراعة النخيل والحفاظ عليه وتشجيع التوسع فيه ودعمه في المزارع وعند التصدير للخارج، وأتصور أنه للعدم أقرب منه للوجود.
إن الحاجة ماسة لإقامة سوق للتمور، فالقائم مخجل بكل ما تعنيه الكلمة، حيث زرته مؤخرا فوجدت حاله يندى له الجبين؛ من حيث المساحة والإمكانيات وطريقة العرض والأجواء وإذا شئت فقل هو أقرب للعراء وكذلك طريقة البيع، حتى اشتكى بعض المزارعين من ذلك وهو مؤذن بتخليهم عن هذه الحرفة المؤثرة اقتصاديا لعدم جدواها!
وتتسع دائرة التعجب والتساؤل عن غياب الجهات المعنية عن هذا السوق، كأمانة المدينة والغرفة التجارية ووزارة الزراعة وهيئة السياحة، فغيابها أو تدخلها غير المدروس (كإنشاء الأسواق الموقتة) أدى إلى وضع مشين بكل ما تعنيه الكلمة؛ فقد استحوذت عليه العمالة وبات مجالا واسعا للغش، ومن المؤلم أن يتم ذلك في مدينة كالمدينة المنورة، بل وبجوار المسجد النبوي الشريف، والجميع يقف موقف المشاهد دون حراك.
وقد تم إنشاء كرسي بحثي يختص بعجوة المدينة المنورة، بجامعة طيبة قبل نحو عامين، ليكون بذلك أول كرسي يبحث في نخيل العجوة ومنتجاتها الغذائية والصناعية، ولكن حتى الآن لم نجد له نتاجا ملموسا، حيث كان الجميع يتوقع إقامة مؤتمرات أو ندوات عنها لإلجام المتشدقين والمشككين، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، بل إن نشاط كرسي أبحاث النخيل والتمور بجامعة الملك سعود أفضل من نشاط هذا الكرسي الذي لم ينتج عنه شيء ذو بال.
وسؤال محير عن عدم إقامة المهرجانات الخاصة بالتمور في المدينة، مع أنها من أبرز مقوماتها الاقتصادية، ويحرص على شرائها الزوار مهما بلغت أثمانها، لكن المهرجانات غابت، ويبدو أيضا أن المساعي في إنشاء سوق حديث ولائق قد خابت!
إن تمور المدينة لها مكانة اقتصادية كبيرة، ويمكن أن تشكل أحد دعائم الاقتصاد الوطني لو تم الالتفات إليها ومنحها العناية المستحقة والاهتمام اللائق، فملايين الزوار يفدون إلى المدينة وربما يصل عددهم إلى 30 مليون زائر سنويا، والقائم لا يليق بهم إطلاقا، والوضع الحالي يجعلها إلى الزوال أقرب من البقاء، فسيطرة العمالة الوافدة، ووضع السوق المشين وعدم التحرك الفاعل، كلها تهديدات خطيرة، فهل ننتظر تحركا سريعا ومدروسا للنهوض بهذه السلعة الغالية والمهدرة، والأهم هل نرى سوقا لائقا ومهرجانا عالميا للتمور بالمدينة المنورة؟
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/08/05