آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عاصم حمدان
عن الكاتب :
أستاذ اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز

حرب تجسُّس جديدة أم صراع مصالح على تقاسم مناطق النفوذ؟!


عاصم حمدان

• ما يدور الضجيج الإعلامي حوله على خلفية العلاقات التي كانت بين الرئيس بوتين وبعض المقربين من الرئيس الأمريكي ترامب، وتأثير ذلك على نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة، وكانت البداية اتهام بعض وسائل الإعلام الأمريكية من حدوث قرصنة إلكترونية قبل الانتخابات، هذا الضجيج يعود بنا إلى حقبة الخمسينات والستينات الميلادية في بريطانيا فيما عُرف بحلقة كيمبردج التجسسية وبعضهم مثل الجاسوس بيرقيس Burgess تم فتح الطريق أمامه ليضحى أحد العاملين في مكتب الشؤون الخارجية، ولم يفتضح أمر بيرقيس ورفيقه إلا في عام 1950م بعد هروبهما إلى الاتحاد السوفيتي، أما الاسم الأشهر في الحلقة كيم فيلبي Philby والذي بدأ نشاطه السياسي منذ سنة 1934م. والمعروف بنشاطه الصحافي، حيث كان يعمل لصالح صحيفة الأبزرفير Observer، فلقد تأخر فراره إلى الاتحاد السوفيتي حتى عام 1963م تزامنًا مع بروز فضيحة وزير الحربية البريطاني جون بروفيومو Profumo

والتي كانت المخابرات السوفيتية آنذاك ضالعة فيها.

• ولم يكتفِ الاتحاد السوفيتي بهذه الشخصيات التي جندها من وجهة نظر أيدلوجية لصالحه في حقبة الحرب الباردة، بل يزعم صاحب كتاب صائد الجواسيس Peter-Right بأن أجهزة الاستخبارات السوفيتية كانت وراء الموت المفاجئ لزعيم حزب العمال جيتسكيل سنة 1963م بسبب مواقفه المؤيدة لأمريكا في موضوع الأسلحة النووية، وكان جيتسكيل Gaitskell قد زار روسيا في العام نفسه، وتدور شبهة قتله أو التخلص منه وهو في سن مبكرة من حياته العملية، وذلك عن طريق حقنه بداء مميت (الثعلبة)، وقد أشير قبل حدوث موت جيتسكيل المفاجئ إلى أن المخابرات السوفيتية تخطط لعملية اغتيال سياسية عالية المستوى في أوروبا لضمان مجيء رجلها إلى السلطة.

وخلف هارولد ويلسون سلفه جيتسكيل في زعامة الحزب الذي فاز بانتخابات عام 1964م بعد سقوط حكومة مكميلان، ويذكر بيتر رايت Peter Right بأن ويلسون قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء كان يعمل مع مؤسسة تجارية شرقية-غربية، وزار روسيا عدة مرات، وأحاط ويلسون نفسه برجال الأعمال الشرقيين المهاجرين وبينهم رجال أعمال يهود، وعندما قدم ويلسون استقالته من زعامة الحزب ورئاسة الوزراء -فجأة- عام 1976م حدث ضجيج إعلامي شديد حول الاستقالة المفاجئة، حيث صاحبتها أسئلة عن قائمة التكريم التي قدمها للقصر الملكي قبل رحيله، فلقد كان من بين أسمائها شخصيات روسية غريبة مثل سير كاخان Joseph -Kagan وقد عُرف فيما بعد أن كاخان مطلوب للعدالة بسبب مخالفات قانونية لإسرائيل، إضافة إلى علاقة ويلسون بعائلة مديرة مكتبه (مارسيا ويليامز) Lady Williams والتي قامت بدمج شقيقها في شؤون دواننغ ستريت السياسية.

• ولقد تم تجريد معظم الشخصيات الشرقية والتي كانت محيطة بدائرة ويلسون من ألقاب التكريم، وكشفت تقارير في السنين الأخيرة أن ويلسون رئيس وزراء بريطانيا لمدة من الزمن كان في الحقيقة رجل الكرملين.

•ولهذا فإن حرب الجواسيس والقرصنة من الدول العظمى لن تهدأ وخصوصًا أن عالم السياسة في الغرب فيه من الإغراء والجاذبية ما فيه، وفيه من الكذب والتناقض والمفارقات العجيبة والمذهلة ما فيه، وما ذكرناه دليل وشاهد على ذلك.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/08/08

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد