مصلحة الدول الخليجية في التوازن بين المعسكرين
مصطفى الصراف
لقد ساهمت بعض الدول العربية والخليجية مع أميركا في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان باسم الإسلام، ونتج عن ذلك «القاعدة»، وخرج السوفيت من أفغانستان، ثم سقط الاتحاد السوفيتي وانفردت أميركا بزعامة العالم في مرحلة ما أطلق عليه مرحلة أحادية القطبية. وقد أدى انفراد أميركا بزعامة العالم كقوة وحيدة إلى المغالاة في تعاملها مع دول العالم واللعب بمفردها على رقعة الشطرنج العالمية، بحيث تحرّك أخشابها وفق أي موضع تشاء وتسقط من تشاء وتزيح من لا تشاء، وقد انفردت بالعبث في المنطقة العربية وعاثت بها وقبضت يدها على مقدراتها ومكّنت نفسها منها لتمويل كل مشاريعها السياسية لإحكام قبضتها على كل شاردة وواردة في مسار سياسة دول المنطقة بشكل عام. وقد أدخلتنا في حروب بالوكالة نحن في غنى عنها. وما خفض أسعار البترول وإرغامها على الاستمرار بالإنتاج بمعدلاته المعتادة وربما بأكثر من ذلك خفاء، إلا إحدى دلائل تَحكُّمِها هذا.
ولذلك، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تغير من سياستها مع أميركا، إلى انتهاج سياسة متوازنة ليس فيها ابتعاد عن المعسكر المعارض للسياسة الأميركية لإعادة التوازن في إدارة المنطقة.
إن وجود قطبين دوليين وإقامة علاقات متوازنة معهما، خير من الميل لأميركا منفردة، لا سيما أن أميركا من يدير سياستها في الغالب هو اللوبي الصهيوني، وهو في حالة عداء دائم للمنطقة العربية لتعارض أهدافه مع أهدافنا، ولن يرضى بغير مسح هويتنا وتمزيقنا لنبقي أبد الدهر بين الحفر.
إن السياسة المنحازة ضد الآخر لا سيما روسيا والصين وإيران مجاملة لأميركا ليست في مصلحة شعوب المنطقة، فمنذ استفراد أميركا بنا ونحن في اضطرابات وعدم استقرار، ولكي نستطيع أن نستقل في قرارنا لا بد من وقف تدخلنا في شؤون الآخرين الداخلية والنظر إلى مصالح شعوبنا الخليجية والعربية، وها هي أميركا اليوم بعد أن خسر مشروعها الأخير لتمزيق المنطقة بدأت توجه اللوم لنا، وتتبرأ علناً مما حاكته ودفعت لتنفيذه خفاءً، لأن الصهيونية العالمية لا أمان لها ولا يمكن الوثوق بعهودها.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/08/19