معالي الوزير: كرامة الحي لا دية الميت
علي سعد الموسى
بالخط الأسود العريض، وبالجملة الصريحة التي تكتب بلا استحياء أو مواربة، منطقة جازان عانت طويلا من الإهمال الصحي المكشوف وكأنها لا تتبع المنظومة الصحية للوزارة في هذا البلد. أرجو أن تكون هذه المأساة الإنسانية رسالة إنذار لتعديل هذه المهزلة المكتملة. نحن لا نبكي ضحايا المشفى العام فحسب؛ بل أيضا مستقبل الأحياء الأصحاء في مئات القرى وعشرات المدن بهذه المنطقة الغالية.
معالي الوزير: أنا على ثقة تامة بأن حيل التبرير لن تنطلي عليك، ولكن: اسأل من شئت لكي يعطي معاليك نسبة الذين يتعالجون من أهل جازان في مشافي عسير العامة والخاصة، وكم نسبة (الموتى) من أهل هذه المنطقة في مستشفى عسير المركزي وحده؟ اسأل من شئت يا صاحب المعالي عن تاريخ مستشفى الملك فهد المركزي بجازان يوم كان درة تاج المستشفيات المركزية الوطنية الخمسة من أنامل المرحوم غازي القصيبي، ثم اسأل كيف حوله الإهمال واللامبالاة إلى مجرد مصحة للزكام والكحة. قصة هذا المستشفى وحدها ستضعكم يا صاحب المعالي على الجرح مباشرة: كوادر إدارية مهترئة لكل المنظومة الصحية بالمنطقة. استعلاء فوقي من طواقم الجهاز التنفيذي بالوزارة، فلا تصرف إلا بالقطارة حتى في زمن الطفرة. ألم يكفنا يا معالي الوزير فضيحة (المتصدع)؟ لماذا لم نفعل شيئا يذكر ما بين (المتصدع) وبين (فجر الحريق)؟
صاحب المعالي: أهلنا الكرام في جازان أغنياء أنفس فلا ينتظرون فزعة الوزارة لدفع دية الأموات. هم يطلبون كرامة الأحياء، والوصفة يا صاحب المعالي بسيطة وجاهزة: خطة إنقاذ عاجلة لإعادة مستشفى الملك فهد المركزي إلى تاريخه الذي كان عليه، وهذه (خلطة) بسيطة لا تحتاج إلى أكثر من 3 أشهر. اخلق منه يا معالي الوزير بيئة جاذبة وإغراء لأمهر وأفضل الأطباء واصرف عليه بعض الأجهزة.
ستكتشف يا صاحب المعالي أن فاتورة خطة الإنقاذ العاجلة لا تتجاوز فاتورة (دية) الضحايا، وستكتشف أنها لا تصل ولو إلى عشر فاتورة المتصدع. هم يا معالي الوزير لا يريدون محاضر التحقيق في أسباب ثالث أكبر حريق في تاريخ مشافي الكون، فمن الفضيحة أن نجد جازان بعد كينيا وكمبوديا في الطابور. هم يريدون التحقق من الإهمال واللامبالاة ومن سوء الكوادر الإدارية في المنطقة واستعلاء الجهاز العالي بالوزارة. هم يبحثون عن خطة المستقبل لا عن مسيرات الموتى إلى (مسيّرات) الدية.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2015/12/26