التحقيق البريطاني حول الإخوان المسلمين
منصور الجمري
التحقيق البريطاني بشأن أفكار وتشكيلات «الإخوان المسلمين» أفصح عن نتيجته رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في (17 ديسمبر/ كانون الأول 2015). هذا التحقيق يعتبر أخطر تقرير يصدر عن الإخوان المسلمين، وتبعاته أكثر تأثيراً من تبعات ما حدث في مصر في منتصف 2014 عندما تحرك الجيش ضد الرئيس الإخواني المنتخب محمد مرسي بعد حكم استمر عاماً واحداً.
ورغم أن كاميرون استبعد حظر الإخوان المسلمين في بريطانيا، إلا أنه أشار إلى أن أي صلة بهذه الجماعة يمكن اعتبارها «مؤشراً على تطرف محتمل». وفي سياق تقديمه نتائج التحقيق حول التنظيم، كتب كاميرون إلى نواب مجلس العموم البريطاني قائلاً: إن «بعض المجموعات داخل الإخوان المسلمين لديها علاقة غامضة مع التطرف العنيف»، وأشار إلى أن السلطات ستواصل التحقيق في شرعية آراء وأنشطة الإخوان المسلمين.
التحقيق لم يفصح عن تفاصيله، وكان من المفترض أن تصدر نتائجه قبيل الانتخابات الأخيرة، ولكنه تأخر لاعتبارات عديدة، من بينها أن بعض أصدقاء الإخوان سعى جاهداً إلى منع صدوره، ولعل أن ذلك كان سبباً في تخفيف النتيجة من حظر التنظيم إلى اعتبار أن الانتماء إليه يعتبر مؤشراً على «التطرف».
بريطانيا هي أول دولة مؤثرة عالمياً تأخذ هذه الخطوة، ولكن تبعات ذلك كبيرة جداً، ولاسيما أن لندن تعتبر أهم مدينة سياسية-ثقافية في العالم فيما يتعلق بالشرق الأوسط على الأقل، ويتجمع فيها ممثلون عن كل الحركات في العالم، والتضييق على الإخوان سيعني أن بعدهم الدولي سيتأثر كثيراً.
التحقيق البريطاني حقق في أفكار ونشاطات الإخوان، ولكن الأهم هو رصد أفكار أثرت في جميع الحركات الإسلامية في العصر الحديث. ولعل من أهم تلك الأفكار طرح موضوع الخلافة والزعامة على المسلمين في كل مكان (بغض النظر عن الحدود الجغرافية السياسية)، والسعي إلى تغيير المجتمعات نحو الإسلام بصورة تدريجية. وبعد ذلك، انطلقت أفكار من أشخاص ينتمون إلى هذا التيار، وطرحوا مواضيع مثل «الحاكمية»، وجاهلية المجتمعات الحديثة، وإحياء الجهاد بصفته ركناً من أركان الإسلام الأساسية، يعادل الأركان الخمسة (الشهادتان، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج).
إن اعتبار أفكار الإخوان المسلمين «مؤشراً على التطرف» واعتبارها جسراً يعبر عليه من يمارس الإرهاب باسم الإسلام، يعتبر أخطر تقرير على الإطلاق يصدر من دولة مثل بريطانيا، وليس مستبعداً أن تحذو دول غربية على المنوال ذاته.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2015/12/27