مسلمو ميانمار.. وأصحاب الأخدود
أ.د. محمد عبد المحسن المقاطع
قال تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ(7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(8)}. (البروج: 1-8)
إن ما يعيشه إخواننا المسلمون في ميانمار فتنة عظيمة وابتلاء غير مسبوق، فقتلهم الجماعي وحرقهم أحياء ودفنهم واستباحة أعراضهم كل ذلك تنكيلاً بهم لا لشيء إلا لأنهم مسلمون، نصرتهم والدعاء لهم وبذل كل ما نستطيع من غالٍ ونفيسٍ ينبغي أن يكون مسلكنا لنصرهم، نشر أخبار تقتيلهم وهدم منازلهم وتحريقهم لا بد أن يتم إيصال أخبارهم وفضح أعداء الإنسانية والمسلمين، ومن يؤازرهم ويتحالف معهم، كل منا يعمل جهده ولو كان قليلاً، فرب قليل يكون خيره أعظم مما نتوقع.
إن المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة والأنظمة الغربية وبعض الدول العربية والإسلامية تتعامل مع الموضوع بصمت مطبق وتكتم إعلامي مخجل، بل بعضهم يناصر الوثنيين ويدعمهم ويساعدهم على قتل المسلمين الأبرياء، اللهم زلزل الأرض من تحت من يقتلهم ومن يساندهم وأذهب عنه الاستقرار والطمأنينة، وانصر وفرِّج الكرب عن إخواننا المستضعفين المسلمين في ميانمار ببورما وعجّل بوقف قتلهم وتشريدهم وافتح لهم باب رحمة وصبر ونصر من عندك.
من هم المسلمون في ميانمار ولماذا يُقتلون، هذا تفصيل موجز من مصدر كتب المعلومات التالية:
قضية بورما للدكتور عمر عبدالكافي.. القصة باختصار: دولةٌ مستقلة اسمها أراكان بها ثلاثة ملايين مسلم بدأ من خلالهم ينتشر الإسلام في دولة مُجاورة اسمها بورما ذات الأغلبية البوذية في عام 1784، أي قبل مئتين وثلاثين سنة. حقَدَ البوذيون على المسلمين في أراكان، فحاربوها وقتلوا المسلمين فيها، وفعلوا بهم الأفاعيل، وضموا أراكان لبورما، وغيّروا اسمها لـ«ميانمار»، وأصبحت جزءاً من بورما، وأصبح المسلمون بعد أن كانوا في دولة مستقلة أقليّة (عددهم ثلاثة أو أربعة ملايين) والأغلبية بوذية وعددهم خمسون مليوناً، كَوَّنَ المسلمون قرى مستقلة لهم يعيشون فيها ويتاجرون، وفيها جمعيات تكفل دعاتَهم ومساجدَهم. صار هؤلاء البوذيون البورميون يهجمون على قرى المسلمين ليخرجوهم من ديارهم.
وقبل فترة ليست بالبعيدة وَقَعت مذبحةٌ مروِّعة، حيث اعترضت مجموعةٌ من البوذيين الشرسين حافلة تُقِلُّ عشرة من الدعاة من حفظة القرآن الذين كانوا يطوفون على القرى المسلمة يحفظونهم القرآن ويدعونهم إلى الله تعالى ويزوجونهم ويعلمونهم شؤون دينهم.. اعترضت هذه المجموعة البائسة حافلة الدعاة، وأخذوا يخرجونهم ويضربونهم ضرباً مبرحاً ثم جعلوا يعبثون في أجسادهم بالسكاكين، ثم أخذوا يربطون لسان الواحد منهم وينزعونه من حلقه من غير شفقة أو رحمة، كل ذلك فقط لحقدهم الدفين لأنهم كانوا يدعون إلى الله ويعلمون الناس الدين والقرآن.
ثم جعلوا يطعنون الدعاة بالسكاكين ويقطعون أيديهم وأرجلهم حتى ماتوا واحداً تلو الآخر. فثار المسلمون دفاعاً عن دعاتهم وعن أئمة مساجدهم وخطبائهم، فأقبل البوذيون عليهم وبدأوا يُحرِّقون القريةَ تلو الأخرى حتى وصل عدد البيوت المحروقة إلى 2600 بيت، مات فيها من مات وفر من فر، ونزح من هذه القرى 90 ألفاً عن طريق البحر والبر، ولا يزال الذبح والقتل في المسلمين مستمراً، وقد اغتصبت فتياتهم وبناتهم وزوجاتهم، لدرجة تصل إلى الوفاة وكل ذلك على مرأى من أعين أهاليهن، وهم تحت شفرات السكاكين.. إذاً لماذا ضاعت غيرتنا؟! كلنا يسأل نفسه: ماذا أفعل لهم؟ واجبك نحوهم الآن شيئان: أن تدعوا لهم.
ثانياً أن تنشر قضيتهم لكي يعرفها الناس.. وهذا أضعف الإيمان.
حسبنا الله ونعم الوكيل.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/09/07