آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي سعد الموسى
عن الكاتب :
- دكتوراه في الأسلوبية والنقد الاجتماعي للغة من جامعة أسكس. - بكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بأبها. - ماجستير في اللغويات النظرية من جامعة كلورادو.

عن التغريدة الأولى لمعالي الوزير: جازان

 

علي سعد الموسى

بعد كارثة مشفى جازان مباشرة، وفي التغريدة الأولى لمعالي الوزير، قال بالحرف إنه يتحمل كامل المسؤولية عما حدث. وللحق وللأمانة هذه شجاعة لم نعهدها من قبل من كبار المسؤولين، بل إنني أذهب إلى (قراءة) مختلفة لهذه التغريدة تفوق مصطلح (الشجاعة) وتتفوق عليه. لكن تحميل وزير جديد هذا الإهمال الكارثي يذهب بالتهمة إلى مكانها الخطأ. معالي الوزير تبرع بحمل حجر (الرحى) على كتفه ولكننا نعرف أن المتسبب -فردا كان أم جماعة- ما زال طليقا.

هنا شاهد البرهان الثاني ومن منطقة جازان أيضا: قبل عدة سنوات نشرت هذه "الوطن" تحقيقا جريئا مخيفا عن أطفال إحدى دور الرعاية الاجتماعية بجازان وهم ينامون على البلاط المكشوف ويلتحفون أغطية (البلاستيك) ويتبادلون فيما بينهم بقايا الملابس الرثة كي يذهبوا بها إلى المدارس. في اليوم التالي مباشرة كتبت مقالي في إدانة هذا الفعل، وبعد شهر أو ما يقرب منه (وتأملوا ماذا يعني الشهر) فوجئت باتصال من الرئيس السابق للشؤون الاجتماعية وفيه يطلب مني شخصيا زيارة هذه الدار، وافقت على طلبه وكنت على اتصال به لحظة الخروج من بيتي في أبها، ولكنني فقدت الاتصال به تماما عندما وصلت جازان.

دخلت فناء الدار فلم أستطع إكمال الزيارة، وعندما غادرتها، وفي الشارع المقابل، فوجئت بعدة دوريات أمن تقبض على شخصي الضعيف بوصفي: رجلا مشبوها يقتحم دار الرعاية، ولن أنسى تلك الجملة من فم ضابط الأمن: لدي بلاغ من مدير الشؤون الاجتماعية عن شخص (مجهول) حاول اقتحام دار الأيتام!

وبالطبع تحولت صباح اليوم التالي إلى قصة خبرية، فلماذا أكتب كل ما سبق؟ أكتب كي أبرهن على أن قصص الفساد والإهمال واللامبالاة قد تحولت إلى عقول دهاء ومكر: هذا يدعوني للخروج من بيتي لزيارة دار رعاية ثم يحول (اسمي) المعروف إلى شخص مشبوه مجهول يطلب القبض عليه. الكارثة أنه لم يحاسب أبدا لا على اتهامه لي -فتلك قصة استطعت التخلص منها في ظرف دقائق- ولا على القصة الخبرية لمأساة هؤلاء الأيتام في تحقيق هذه الصحيفة. بعدها عشت عشرات القصص المأساوية في منطقة جازان بوصفها الخبت التهامي الذي أذهب إليه وإلى ظلمات (قوز الجن) في ليالي الشتاء المهيبة المذهلة، فلم أكتب من يومها حكاية قصة واحدة لأنني أعرف أنني (أنفخ في قربة) لا مشقوقة بل مفتوحة.

سأختم: نعم، تحمل معالي الوزير في تغريدته، وبكل شجاعة، كامل مسؤولية الحريق الدامي: نقدر شجاعة معاليه ونقرؤها لما هو أبعد، لكننا والماء في أفواهنا نعرف ما تبقى من القصة.

صحيفة الوطن

أضيف بتاريخ :2015/12/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد