حكاية ميانمار
د. صلاح العتيقي
ميانمار، أو بورما سابقاً، دولة حكمها العسكر، بما يقرب من خمسين سنة، بها أكبر المعابد البوذية في العالم. اضطهدت المسلمين منذ سنوات طويلة، ومارست ضدهم الاضطهاد بجميع أنواعه. سمعنا بمأساتهم منذ ما يقارب خمس سنوات، فقررنا ونحن بالمجلس، في ذلك الوقت، أن نزور هذه الدولة في بعثة تقصّي حقائق، لكوننا أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في المجلس. وتم الاتصال بالسفير الكويتي في رانجون العاصمة، الذي قام مشكورا بعمل الترتيبات اللازمة لهذه الزيارة.
وتكون الوفد من السيد صالح عاشور، والكابتن طاهر الفيلكاوي، وشخصي المتواضع. قابلنا وزراء الخارجية والشؤون والعمل، وكانوا من العسكر في ذلك الوقت. وذكرنا ما سمعناه عن اضطهاد المسلمين في منطقة أراكان، ورغم أنهم نفوا ذلك، فإننا باجتماعنا مع بعض الزعامات الإسلامية، بترتيب مسبق أيضاً مع السفير، أكدوا لنا أنهم مضطهدين، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بل إن اجتماعنا معهم تم في غاية السرية، بعد ترتيبات معقّدة، حتى إنهم لم يستطيعوا أن يصرّحوا بأسمائهم. وعذرناهم على ذلك. ولقد كانوا يعوّلون على وصول المعارضة بقيادة سان شو سي، صاحبة «نوبل» للسلام إلى سدة الحكم، حتى تنصفهم، ولكن اتضح الآن ــــ مع الأسف ــــ أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً. كما أخبرونا أيضاً أنهم لا يستطيعون طلب المساعدة، ولم تصل إليهم أي مساعدات من الخارج، لأن الحكومة البورمية لا تسمح بذلك. رغم أن بعض الدول الخليجية قد حاولت ذلك من دون جدوى، ورغم الضغوط الخارجية على حكومة بورما، طيلة سنوات، من المجتمع الدولي، فإنها لم تستجب لأي ضغط.
لقد بيّنت لنا الزعامات الإسلامية، أنهم لا يريدون مساعدات مالية، ولكنهم يريدون كف الأذى عنهم من القتلة البوذيين. لقد بلغ الاضطهاد حدّاً لا يمكن تحمّله. حتى الأسماء الإسلامية ممنوعة، لذلك تجد لكل شخص مسلم اسمين؛ أحدهما بينه وبين أهله، والآخر للاستخدام الرسمي. لقد قال لنا أحدهم: لا تتعبوا أنفسكم، لأن الحكومة لا تعول على الدول الإسلامية، وليست لها قيمة لديها، بعد أن حسنت علاقتها بالولايات المتحدة، خصوصا أن لها استثمارات ضخمة معها، وهي الوحيدة القادرة على تغيير سياساتها الداخلية، فإن كان لكم نفوذ لدى الأميركان فزاولوه، وإلا فلن تظفروا بنتيجة.
بعد عودتنا من بورما، قدمنا تقريراً عن الأوضاع هناك بالمجلس، ولكننا لا نعلم مصيره بعد أن حُل مجلس ٢٠١٢. نرجو من الله القادر على كل شيء، أن يحمي المسلمين في ميانمار، إنه على كل شيء قدير.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/09/12