مصر.. من يقف وراء الأعمال الإرهابية.. وما هو سرّ الاسترخاء الإسرائيلي؟
عبدالكريم المدي
الجريمة الإرهابية التي ضربت مسجد” الروضة ” في بئر العبد/م/ شمال سيناء المصرية الجمعة الماضية وراح ضحيتها (330) شهيدا بينهم (28) طفلا، و(100) مصابا ،بينهم (13) طفلا أيضا،، لا يجد لها المرء توصيفات ومفردات مناسبة ودقيقة ترتقي لمستوى ذلك الإجرام الشيطاني الذي لا يُمكن إيقافه ببيانات الإدانة والاستنكار ومشاعر التعاطف، دون الفهم الجيد لخلفياته وأسباب تغوله وسطوته في مصر بهذه الطريقة، ضف إلى ذلك تقديم إجابات علمية، منطقية على تساؤلات كهذه : من أين أتى ؟
ومن هم عبيده، وماهي أدواته ومصادره، وأي سلاح فكري يستخدم؟
وأين تتواجد قياداته الحقيقية ولماذا يصعب التكهُّن بعملياته ؟
ولماذا،أيضا، لم تُضعفه ضربات الجيش المصري الموجعة؟
وما هي وسائل اتصالاته وأساليب تخفّيه، وهل صحيح أن تنقُّلات أفراده ونقل أسلحته تبدو إلى حد ما سهلة؟
وماذا عن السرّ الذي يقف وراء ضربه المتكرر لمصر عامة وسيناء خاصة وبكل هذه القوة والوحشية؟
وأخيرا وربّما هو الأهم:
ماذا عن علاقة ودور إسرائيل وبعض القوى الإقليمية والدولية بما يجري ؟
في الحقيقة ، لا نستطيع الإجابة عن هذه التساؤلات مجتمعة ،لكن الذي نستطيع قوله أولا: هو ملاحظة وجود استرخاء إسرائيلي ضبابي غير طبيعي تجاه ما يجري من إرهاب غير مسبوق في منطقة سيناء الحدودية معها ، وهذا في الواقع يبعث على الحيرة والتوقف عنده مليا، سيما وأن لديها أطماع وأماني طوال أفصح عنها قبل أيام وزير الاتصالات “أيوب قرّة” التي من المفيد ربطها بما يتم تداوله وطرحه في تل أبيب من قِبل خبراء عسكريين ودوائر مختلفة ويتعلق بفكرة توسيع قِطاع غزّة لإيجاد الوطن البديل للفلسطينيين، مقابل تنازلهم عن حدود ما قبل 1967.
لذلك علينا هنا أن لا نستبعد بالفعل فرضية وجود مؤامرة إقليمية ودولية تهدف لإفراغ مساحات واسعة في سيناء من سكانها وتهيئتها ل ( الوطن البديل)، وكلامنا هذا لايعني بأي حال من الأحوال تبرئة الإرهابيين ، أو ننفي الفعل عنهم، غير أن وجود مثل هكذا معطيات تجعلنا نعتقد بأن أطراف هذا المخطط وظّفوا مسوخ الإرهاب، سواء كانوا تحت مسمى ( داعش) أو( الدولة الإسلامية)أو ( جند المقدس) وغيرهم لتنفيذه ،خاصة وأن الإرهابيين، ومثلما شاهدناهم وخبرناهم في أكثر من مكان، لا يحملون أي مشروع، ولا يفقهون شيئا،ولا صلة لهم ، أصلا، بالعروبة والإنسانية وبرسالة الإسلام العالمية ذات الدفق المتجدد، الوسطي ،المُنمّي للضوابط الروحية والأخلاقية.
وبناء على ذلك حريٌّ بكل شخص له قابلية التفكير الجدّي أن يناقش القضية من جوانبها المختلفة وبكثير من الوعي دون استبعاد مخططات وفرضيات أخرى قد يكون بعضها أقرب للصواب والاستيعاب ،ومنها أن ما يجري هو امتداد طبيعي جدا للإرهاب الذي ضرب ويضرب المنطقة والعالم، شرقه وغربه، وليس ببعيد ما حدث في كل من فرنسا ،بلجيكا ،ألمانيا ،أميركا ،بريطانيا ،تركيا وغيرها..
إلا أننا نعود مرة ثانية ونؤكد: إن الذي يدفعنا لترجيح فكرة المؤامرة هو وجود علامات لها ، هذا أولا:
وثانيا: المكانة الكبيرة لمصر ورمزيتها لدى الشعوب العربية ، ما يجعل هدف إسقاطها يُمثّل هدفا وأولوية دائمين لدى إسرائيل وأعداء الأمة، على اعتبار أن سقوطها يعني سقوط حتمي لجميع الدول العربية وإغراقها بالفوضى،ومايعزز هذا الشعور لدينا كعرب هو ما نُعانيه منذُ العام (1948) بل ومن قبل هذا التاريخ بكثير، من تحيزات غربية واضحة ضدنا وضد قضايانا العادلة وعلى رأسها القضية المركزية” فلسطين”، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ،إن الإحصائيات تقول بإن مصر تعرضت خلال ثلاث سنوات فقط لـ (1165) عملية إرهابية، معظمها في سيناء.
على العموم ..لا نريد في الواقع أن نتشتت ونقوم بتأويل ما يجري أكثر من اللازم كي لا نساهم في إخراجه عن سياق كونه إرهاب، غير أنه من المناسب الإشارة هنا إلى نقطة هامة يتم تداولها كتفسير لأحداث المحروسة، حيث يرجع البعض بأن أسبابها تعود إلى التحالفات التي تورطت مصر فيها وطوقت نفسها بها خلال الثلاث السنوات الأخيرة وإن كانت فيما يتعلق بسوريا قاومت رغبة وضغوط بعض حلفائها في الخليج ورفضت بصورة معلنة الانخراط في مشروع إسقاط الدولة السورية حتى في مجلس الأمن والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية .
يبقى في الختام،التأكيد بأن مصر مستهدفة ومن واجب ومصلحة العرب والعالم الوقوف معها ومع أبناء سيناء الكرماء، الأصلاء الذين تقول آخر إحصائية للعملية الإرهابية في جامع ” الروضة” حتى فجر الأحد
بأن (١٧)أسرة من أسر القرية المنكوبة فقدت الأب وأبنائه الذكور جميعا،فيما (١٠) أسر فقدت الجد والابن وجميع الأحفاد، كما أنها كانت تستضيف حوالي(٢٠٠)نازحا من الشيخ زويد، أستشهد منهم في الجامع(١٥٠).
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/11/29