«الصهيو – أميركا» لا تريد لنا السلام
مصطفى الصراف
لماذا كان التهافت على إبرام اتفاقية السلام مع إسرائيل، فإذا كانت إسرائيل قد احتلت الأرض الفلسطينية في مرحلة كان فيها العالم العربي يرزح تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي، فإن ذلك لا يدعو إلى تسليم بقية الأرض والعرض العربي اليوم، بما أطلق عليه اتفاقية السلام مع إسرائيل. لقد تهافتت بعض الأنظمة العربية على السلام مع إسرائيل وراح الجميع يطلب ودها، كما لو أن الأمة العربية لا حياة لها بدون ذلك الكيان المسخ. واتجهت تلك الأنظمة في دفع الشعب العربي عنوة إلى تطبيع العلاقة مع إسرائيل. ولم تبد إسرائيل في أي مرحلة من مراحل مسيرة السلام المشبوهة أي مظهر من مظاهر الاستعداد لذلك السلام، فما زالت إسرائيل تحتفظ بقوتها النووية وما زالت تلقى الدعم الأميركي لتسليحها بالمزيد والوقوف إلى جانبها، وفي نفس الوقت تلقي بثقلها إلى جانب إسرائيل في مسيرة الاستسلام وتعمل على ترضيخ كل الأنظمة العربية لذلك، وهو ما يعني أن اتفاقية السلام المشبوهة ما هي إلا محراث أميركي تقوده إسرائيل لتمشيط الأرض العربية وجعلها صالحة لتبذر فيها أميركا بذور الخشخاش، ليتعاطاه الشعب العربي فيسكر جذلا على طبول المستعمرات الاقتصادية الضخمة التي تنوي إقامتها أميركا في وطنه، ولتبقى إسرائيل حارسا لتلك المستعمرات تسوم سكان الأرض العربية الويل والهوان. فإذا كنا نريد السلام مع إسرائيل، فيجب أن يكون سلاما مبنيا على نوايا صادقة من الطرف الآخر، تحفظ فيه كرامتنا وعزتنا، ولا يكون السلام كذلك ما لم تنسحب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها سنة 1967 دون قيد أو شرط، تنفيذا لقرارات هيئة الأمم، وأن تنسحب فورا من الجنوب اللبناني، وأن تخضع ترسانتها النووية للتفتيش الدولي كما هو الوضع في إيران، وإلا كان متعينا على جميع الأنظمة العربية أن توقف مباحثات الاستسلام، لأن ما بدر من إسرائيل وأميركا في التعامل مؤخرا مع موضوع القدس عاصمة لإسرائيل ضاربة بكل القرارات الدولية، يبرز على السطح أبعاد مسيرة الاستسلام والنوايا الخبيثة التي تكمن وراءها، لذا فإن مسيرة الاستسلام لن تجلب حقا مهما كانت مواقف دول العالم في صفنا ما لم يرافق ذلك المواجهة المسلحة وفرض وجودنا أمام الغطرسة الإسرائيلية بقوة السلاح. لقد أنفقنا المليارات على شراء السلاح، أما آن الأوان لكي نوفره لتوجيهه إلى صدر إسرائيل، بدلا من استخدامه في الاقتتال فيما بيننا وهدر دماء شعوبنا وجيوشنا تحقيقا للرغبة الصهيو – أميركية؟!
وكل حق سدى ضائع
ما لم يساند حقك المدفع.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/12/20