قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.. هل يقوى الميت على الحراك؟
الدكتور محمد بكر
صوتت 128 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يدين اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، فيما صوتت تسع دول ضد القرار، وخمسة وثلاثون دولة امتنعت عن التصويت، بعيداً من المفاعيل المعنوية والسياسية للقرار، فعلى الأرض ماعدته المندوبة الأميركية نيلي هايلي بأن القرار لن يغير شيء ولايوجد أحد يمكن أن يمنعهم من اختيار مكان لسفارتهم ، وكذلك تصريح المندوب الإسرائيلي داني دانون لجهة أن القرار لن يبعد القدس عن إسرائيل وليذهب القرار إلى مزبلة التاريخ، هو الأصدق في توصيف مفاعيل مثل هكذا قرار، ولعل التجربة ليست جديدة على الإسرائيلي الذي أدار الظهر سابقاً لقرار مجلس الأمن رقم 425 الذي من المفترض أن يكون ملزماً، فأي ثقل لقرار ليس بالملزم أصلاً.
في نظرة متأنية للردود التي يجب مكاثرتها في المشهد الفلسطيني اليوم، والتي تكون من مستوى العيار الثقيل، يمكن توصيفها في إطار خطين متوازيين : الأول متعلق بمايجب أن يكون عليه الداخل الفلسطيني من وحدة صف سياسي وعسكري تتفاعل فيه الحالة المسلحة كخيار رئيس في سلوك الفصائل الفلسطينية، ويتوازى مع خط سياسي فاعل ينهي سنوات من الانقسام، وتتعالى فيه المصلحة الوطنية الفلسطينية فوق أي اعتبار، ويعاد بناء المشروع الوطني الفلسطيني على أسس صحيحة تصلح في حضرته، ما كانت طرحته حركة الجهاد الإسلامي على لسان أمينها العام الدكتور رمضان شلح من نقاط عشر كقاعدة انطلاق صلبة.
الخط الثاني: يتجسد في سلوك كل من علق نيشان المقاومة على صدره، وتباهى بالانتماء لمحور مقاوم للعدو الصهيوني، فالوقت اليوم، وفي مرحلة حرجة كالتي تمر بها القضية الفلسطينية، ليس ثمة الكثير من الوقت لتفعيل ماطرحه الأمين العام لحزب الله لجهة استراتيجية مقاومة موحدة، وغرفة عمليات مشتركة، من هنا لايمكن فهم ” التلكؤ” الحاصل في السلوك العسكري للفصائل الفلسطينية وحتى من قبل الداعمين، وكل الذي يطفو على السطح حتى كتابة هذه السطور لا يتجاوز حد المحاولات الخجولة التي تطلق فيها صواريخ على مستعمرات صهيونية هنا أوهناك.
ماقالته المندوبة الأميركية في تعليقها على قرار ترامب لجهة أنهم كانوا يتوقعون أن تطبق السماء على الأرض، ولكن هذا لم يحدث، يشكل إهانة لكل المقاومين والمنتصرين للقضية الفلسطينية الذين يجب أن يدركوا أن المسارات السياسية والعسكرية للانتفاضة الشعبية إن لم تتجاوز الأبعاد التي تتحرك فيها فقط ضمن أطر الصيحات والمظاهرات وإعلاء الصوت وافتقاد الردود العسكرية الاستراتيجية، فهي بذلك تساعد على تسريع قرار ترامب واستعلاء إسرائيل.
من يعول على الأمم المتحدة من أجل إعادة الحقوق واسترجاع المغتصب، أو أن تكون وسيطاً بديلاً عن الولايات المتحدة فيما يسمى عملية السلام، هو كمن يطلب من الميت الحراك والعودة إلى الحياة، فصدى صوت وهدير ”عالقدس رايحين شهداء بالملايين” لايكفي أيها المقاومون و إن بلغ عنان السموات.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/12/24