أنا سعيد فيما يبدو!
عبدالله المزهر
في العام الماضي هطلت أمطار غير مسبوقة ـ كما يقال حين تهطل الأمطار في كل عام ـ على المنطقة الشرقية، وقد تضررت منها شوارع ومنازل كان من ضمنها منزلي ـ مجازا ـ الذي أبى سقفه إلا أن يشارك في حفلة المطر فهطل علينا الغيث حتى من أفياش الكهرباء، ثم هرعنا بصحوننا وقدورنا نستقبل الأمطار ونطفئ الأجهزة الكهربائية. حتى مرت العاصفة بسلام.
قال لي المختصون ـ أي العمالة البنغالية الكريمة ـ إنه من الصعب حل المشكلة حتى تتوقف الأمطار تماما، ثم رأيتهم بعد ذلك يعلمون جاهدين على حل تلك المعضلة، ومن يومها وأنا أنتظر عودة المطر من جديد حتى أعرف هل أجادوا العمل أم لم يفعلوا. ولأني رجل محظوظ ـ كما تعلمون ـ فلم تهطل الأمطار هذه السنة على المنطقة الشرقية، ولم يأت البرد بشكل رسمي رغم أن اليوم هو آخر أيام المربعانية التي كانت أشد برودة فيما مضى.
ومثل أي شيء آخر فإن الطقس أيضا يتغير وتتبدل أحواله، وقلت سابقا ـ لا أعلم أين ومتى ـ بأنه منذ أن بدأ الناس والهيئات والمؤسسات في استخدام مصطلحات جديدة لتعريف أحوال الطقس والأمور تزداد سوءا.
فقد أصبح المطر مؤذيا منذ أن سموه «حالات مطرية»، وأصبح الغبار أكثر أذية مذ سموه عوالق ترابية.
اشتقت للمطر كثيرا، لكني أخاف حضوره، هو مثل كل أولئك الذين أطالوا الغياب، لا أعلم كيف سيكون اللقاء، وهل ما زال جميلا كما أتخيله، أم إنه اعتاد على الحضور من فتحات التكييف ومسالك الكهرباء وفقد شكله وصوته وصورته، هل هو حميمي كما أتمناه أم مؤذ كما أتوقعه.
ولأكون صريحا ـ على غير العادة ـ فدعوني أخبركم أني أكتب عن المطر لأني لم أرد إرسال المقال الذي كتبته في الأساس، فقد بدا لي أني عدائي أكثر من اللازم، وبدا لي أيضا أن الحياة لا تستحق كل هذا.
وأشعر أن حالة الحرب المستمرة مع الأشياء والمواقف والناس قد أرهقتني كثيرا ولم ولن تغير الناس. كثير من الأفكار والمقالات التي تكتب تشبه كثيرا أن أصرخ على مدرب الفريق الذي أشجعه أثناء مشاهدتي لمباراته في التلفزيون وأطالبه بإخراج لاعب وإدخال آخر.
المدرب لن يسمعني ولن يحدث ما أريد لمجرد أني صرخت، كل ما في الأمر أني أعبر عن نفسي وأتنفس صراخا.
وعلى أي حال..
سأنتظر المطر، وسأفرح حين يأتي، وسأحاول أن أعقد هدنة مع الحياة، وسأفشل كما أفعل دائما، وسأحاول أن أبدو سعيدا بمحاولتي وهي الطريقة التي أعزي بها نفسي دائما، سأقنع نفسي أني سعيد، وأن كلما في الأمر أني نسيت أني كذلك.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2018/01/11