الكهرباء.. ومتوسط نصيب السعودي
عيسى الحليان
تشير المصادر الرسمية إلى أن متوسط استهلاك الفرد السعودي من الكهرباء يصل إلى ضعف المتوسط العالمي، وهو كلام يردد علينا صباح مساء في المؤتمرات والمناسبات الرسمية، لكن ما لا يقال أيضا إن أسعار الكهرباء (من غير الوقود المدعوم) ترتفع تكاليفها إلى الضعف أيضا (قياسا بأسعارها الحالية) بسبب الاعتماد الكلي على الوقود الأحفوري، وعدم كفاءة إنتاج الطاقة بشكل عام !
أولا نحن بلد صحراوي عالي الحرارة ويستنزف التكييف أكثر من نصف الاستهلاك في بلد تصل فيه درجة الحرارة إلى ما يقارب نصف درجة الغليان، ومثل هذا الاستهلاك العالي للفرد لا ينسحب على الدول شديدة الحرارة كالمملكة، وإنما على شديدة البرودة أيضاً، حيث يستهلك الفرد الكندي مثلاً ما يوازي 15500 كيلو وات، والأمريكي 12900، والسويدي 13400، وهكذا، مقابل استهلاك السعودي الذي يراوح حول 8500 فقط، ليس هذا فحسب، بل إن النرويجي يستهلك 3 أضعاف نظيره السعودي (24000 كيلو)، وهناك دولة غير نفطية تستغرب لو قلت لك إن الفرد فيها يستهلك ضعف متوسط استهلاكنا 5 مرات، والأمر لا يقتصر على أمريكا الشمالية أو أوروبا، فلو توجهت صوب آسيا مثلا لوجدت أن الكوريين ليسوا أقل استهلاكا من السعوديين، بل ويتجاوزونهم بمتوسط قدره 10400 كيلو وات، وهذه الأرقام مؤكدة وموجودة كلها في بيانات البنك الدولي.
خلافا لذلك فلسنا استثناء من دول الإقليم، فالفرد البحريني يستهلك أكثر من ضعف المتوسط السعودي (18130) والحال تنطبق على الكويتي الذي يرتفع متوسطه إلى (15000) وهكذا.
الأمر الثاني أن زيادة متوسط الاستهلاك ليس خطأ بالجملة إذا كان الإنتاج لا يعاني من تشوهات اقتصادية تتعلق بمدخلات الإنتاج أو الدعم المباشر، فألمانيا مثلا دعت مواطنيها قبل عامين لزيادة استهلاكهم من الكهرباء لامتصاص الفائض من إنتاج الطاقة، والذي يعتمد على الطاقة المتجددة في الغالب، بل إنها دفعت مبالغ للمواطنين لهذا السبب، كما ذكرت صحيفة «الإندبندنت»، وأعاد نشر الخبر موقع «أرقام» السعودي في حينه.
الأمر الثالث أن استخراج هذا المعدل من الناحية النظرية صحيح، لكن تحميل هذا المعدل على الفرد العادي أمر يحتاج إلى إعادة نظر، لأن زيادة الاستهلاك (الطاغي) لدى طبقات اجتماعية واسعة ومترفة رفعت من المعدل العام وبشكل كبير. ما أود أن أقوله إن استنزاف الطاقة مسألة ثنائية القطبية وليست أحادية كما هي مطروحة في أدبيات ترشيد الطاقة الحكومي، ولا تكمن في متوسط الاستهلاك الفردي، أو نسبة النمو السنوي فقط، وإنما تتعدى ذلك لما هو أهم وأبعد، وهو ارتفاع تكاليف إنتاج الكهرباء والماء والذي تعوض فروقاته من الدولة، الجانب الثاني أنه يمكن إيجاد حلول لارتفاع متوسط الاستهلاك الفردي أو نصيب الفرد من الدعم الحكومي، وذلك من خلال زيادة الأسعار، وهذا ما حصل من خلال القرارات الجديدة، لكن كيف السبيل لإيجاد حلول للشق الثاني من هذه الثنائية المتلازمة، وهو ارتفاع تكاليف إنتاج الماء والكهرباء للأسباب التي ذكرتها آنفا، وهو مربط الفرس ؟
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2018/01/21