نهاية صحفي شجاع
هايل الشمري
لا يمكن لأي إنسان أن ينجز في ظروف عمل سيئة، فما بالك بصحفي ينتقد أداء دائرة حكومية، أو يكشف أوجه فساد فيها، ثم يجد نفسه مخفورا إلى مركز شرطة، أو في أحسن الأحوال مرهونا بطلب استدعاء للتحقيق معه!
في مثل هذه الحالات، يصبح جرم المسؤول مزدوجا، فمع الخلل في عمله، وبدلا من استدراك أخطائه ومعالجتها، يضيف إلى ذلك سوء استخدام السلطة، واستغلال نفوذه في ترهيب ذلك الصحفي.
والأسوأ من ذلك، عندما يتم احتجاز الصحفي وتوقيفه، وفوق أن في ذلك تطاولا على حرية العمل الصحفي، وانتقاصا من مكانة الإعلام ومؤسساته، هو أيضا قفز فوق الأنظمة والأوامر السامية التي حددت الجهة المعنية بالنظر في القضايا المتعلقة بالنشر ووسائل الإعلام.
فالأمر الملكي الصادر عام 2011، قضى بإحالة المخالفات الصحفية إلى لجان قضائية في وزارة الثقافة والإعلام، وشدد على عدم إحالتها إلى أي جهة أخرى، إلا إن كانت جرائم معلوماتية، فتحال إلى هيئة التحقيق والادعاء العام.
ومع وضوح جهات الاختصاص في قضايا الإعلام والنشر، إلا أن ظاهرة استدعاء الصحفيين، سواء من الجهاز الذي تعرض للنقد، أو عبر جهة أمنية أو قضائية، بدأت تطفو من جديد.
من حق أي جهة أو مسؤول التقدم بشكوى إلى وزارة الثقافة والإعلام، إن رأوا وقوع ظلم عليهم فيما كتب، لكن فرد العضلات واستغلال العلاقات العامة عبر جهة أمنية أو قضائية للثأر مما كتب عنهم، لا يمكن اعتباره إلا أنه فساد صريح.
قبل ليلتين فقط، اتصل أحدهم يحدثني عن استدعاء إدارة حكومية له، لرفعه برقية إلى جهتها المرجعية، يشكو فيها عدم التجاوب مع شكاواه. وما بين الترغيب والترهيب، طُلب منه التوقيع على إقرار بأنه لم يسبق له أن تقدم بشكوى إليهم، بل إنه لم يزر مقرهم الحكومي قبل هذا اليوم. ولولا الخجل منه لقلت: لا تشتكي لي، لا أبكي لك!
قد يتحمل الصحفي أو كاتب الرأي التضييق والضغوطات التي لا تصل إلى التعدي على حريته، أو الانتقاص من كرامته، لكن عندما يتجاوز الأمر ذلك، ولا يجد من يحميه، فمن الطبيعي أن يغادر مهنة المتاعب ليشتري راحته.
صحيفة الوطن أون لاين
أضيف بتاريخ :2016/01/14