العلمانية والإلحاد.. والطائفية!
مصطفى الصراف
العلمانية؛ هي المبدأ السليم الذي تقوم على أساسه الدولة العصرية، وهذا المبدأ يعني أن تتبنى السلطة القائمة في دولة ما، حماية كل العقائد الدينية وفرض الاحترام الواجب لمعتنقي أي عقيدة دينية وتوفير الحرية لممارسة شعائرهم الدينية. على قاعدة «الدين لله والوطن للجميع»، ويحظر إساءة أي شخص لشخص آخر لمجرد الاختلاف معه في معتقده الديني.
بينما الإلحاد؛ هو في حالة عدم الإيمان بوجود الله عز وجل ولا باليوم الآخر، وهو ما يخرج القيم الدينية ومعتقديها من تعامل الملحد مع الآخرين من دون خضوع لأي وازع أو رادع سوى الالتزام بالقانون خشية العقوبة، إن وجدت، في حال تجاوزه على المعتقدات الدينية، ومن يمارس شعائرها.
وهذا أمر يعرض الدولة إلى قيام تنظيمات متنازعة فكريا، دينية من جانب، وإلحادية من الجانب الآخر، قد تؤدي إلى الاحتراب، وهو ما يشكّل خطرا على الأمن والاستقرار لمجتمع الدولة.
أما الطائفية؛ ألا وهي حالة استهزاء وعدم احترام أصحاب أي طائفة دينية للطائفة الأخرى بسبب اختلاف عقيدتها الدينية في نظرتها وشعائرها للتقرب إلى الله عز وجل، فالكل يؤمن بالله واليوم الآخر ويختلف في أسلوب التقرب إليه، فإذا قامت حالة الطائفية أي احتقار الآخر لتمسكه بعقيدته، فهي في نتائجها على المستويين الوطني والاجتماعي، لا فرق بينها وبين الصراع بين الملحد والمتدين المؤمن بالله، وربما تكون أكثر شدة، لأنها تكون وليدة الجهل والعصبية، وليس بسبب الاختلاف الفكري أو الفلسفي، كما هي حال الملحد والمتدين.
ولذلك، ينبغي للحفاظ على استقرار المجتمع ووحدته ضمن وطن واحد قوي، يجب حرص الدولة على ترسيخ مبدأ حرية العقيدة، أي احترام المواطن لأخيه المواطن من الطائفة الأخرى أو المعتقد الديني الآخر، فكما هو يعتز بعقيدته فإن الآخر من حقه التمسك بعقيدته. ويجب عدم ممارسة أي تمييز بسبب ذلك الاختلاف، ويجب غرس الاحترام في التعليم والإعلام والتشدد في إيقاع العقوبة قانونا، حفاظا على الوحدة الوطنية وقوة الدولة، ومصداقا لقول الله عز وجل في الآية 17 من سورة الحج: «إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد».
إن العلمانية هي ضمن طاعة الله عز وجل، أما الازدراء وتحقير أصحاب العقائد الأخرى فهما الخروج على طاعة الله عز وجل، أفلا تعقلون؟!
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/01/16