السعودية «غير»… بلد المصائب والعجائب!
علي آل غراش
استطاعت سلطات الرياض المحافظة على موقع السعودية في العالم بلا منافس «غير»، في سياستها وإدارتها الدولة على أساس التميز والاختلاف «غير» عن أي دولة حضارية في هذا العصر، وأنها الدولة الوحيدة في العالم اسمها باسم عائلتها – العائلة الحاكمة – التي تسيطر على كل شيء، تتحكم بالبلاد والعباد.
ويُدار البلد حسب مزاج الحاكم الذي له كافة السلطات، يستغل الدين للمزيد من الاستبداد، ويضع القوانين حسب رغباته وتوجهاته، تارة توجهات دينية متشددة تكفيرية، ترفض أي تطور على أساس أنه كفر وحرام، وتارة ينقلب الحرام إلى حلال. ومنذ تأسيس السعودية عام 1932 وتغير أسماء الملوك والشعارات والرؤى المستقبلية، حافظ الحكام بجدارة على ذلك التميز، سياسة الحكم الشمولي القائم على الاستبداد والفساد، وأن البلد «غير»، وتمكنت عبر استخدام كافة الوسائل الإعلامية واستغلال الدين، الترويج لتلك الفكرة بلد وشعب «غير» للعالم، وبناء على ذلك، على الشعب أن يصدق الكذبة بأنه غير بقية شعوب العالم، وإلا فهو جاهل ومفسد ومحارب وضد ولي الأمر، ومخالف لله وللشرع ويحاكم باسم الدين!.
وأصبحت تلك السياسة الشمولية الديكتاتورية أكثر وضوحا مع استلام سلطة العهد الجديد الملك سلمان وابنه الأمير محمد بن سلمان 2015 التي أثبتت أنها «غير» أي سلطة في العالم، بفضل الشعارات المستقبلية والانفتاح والحزم، ولكنها الأكثر استبدادا باسم شعار الانفتاح، حيث أنها لا تؤمن بمعيار الدولة الحديثة وبالمؤسسات وفصل السلطات ومشاركة الشعب في تحديد الدستور عبر صناديق الانتخاب المباشر، أي لا دستور منتخب ولا فصل للسلطات ولا انتخابات ولا نقابات ولا حرية إعلامية ولا عدالة اجتماعية، بل على العكس في العهد الجديد هناك إرهاب رسمي للشعب، واعتقال لكل من يدعو للإصلاح والتغيير، أو له رأي يخالف السلطة أو ينتقدها؛ اعتقالات للأطفال والنساء والشيوخ وللشخصيات ناشطين وعلماء وكتاب، وقد تم إعدام عدد منهم، ومات البعض خلال التعذيب الوحشي في السجون الحديثة التي تفتخر بها السلطة!.
ولكن الأكثر غرابة أن السلطة المسؤولة عن انتشار الفساد في أرجاء البلاد التي تسير على منهج السلطات السابقة منذ تأسيس الدولة، هو قيامها 2017 باعتقال بعض كبار رجال المال وبعض الوزراء، وكذلك بعض أمراء العائلة الحاكمة المفسدين، حسب تعبير السلطة (والحقيقة يوجد هناك عدد كبير من الأمراء معروفين بالفساد ولكن لم يتم القبض عليهم)، ومن الذين تم القبض عليهم واحتجازهم والتحقيق معهم في أفخم فنادق الرياض «ريتز كارلتون» وعبر محققين مرتزقة: الأمير متعب بن عبدالله والوليد بن طلال بطريقة غير شفافة، وبعد ذلك تم الإفراج عنهم من دون محاكمة علنية، وتمت مصادرة بعض أموالهم، وإعادة بعض المعتقلين بتهمة الفساد لمواقعهم السابقة في السلطة وتمثيلها في الخارج ومنهم الوزير إبراهيم العساف.
الهدف من اعتقال بعض الأمراء؛ أولا: تصفية الحسابات وإبعاد أي شخصية قد تعكر وصول الأمير محمد بن سلمان لعرش الملك. ثانيا: ترهيب أفراد العائلة الحاكمة وإخضاعهم بالكامل. ثالثا: إضعاف أي شخصية سياسية أو اقتصادية. رابعا: الحصول على المال لتغطية نفقات الأمير بن سلمان وتحقيق مصالحه الشخصية. ولغاية اليوم حصل الأمير محمد بن سلمان على نحو 100 مليار دولار من هذه العملية، بالإضافة إلى فرض ضرائب مباشرة على المواطنين ورفع الأسعار. رغم أن هذه السلطة السلمانية هي الأكثر فسادا وهدرا للمال العام لدرجة إفلاس الدولة، فهي المسؤولة عن اختفاء نحو تريليون ريال من خزينة الدولة بعد استلام العهد الجديد الحكم 2015 كما صرح الدكتور حمزة السالم للإعلام. فأين اخـتفت؟.
العاهل الجديد الملك سلمان، ورغم الظروف الاقتصادية التي تعاني منها الدولة يصرف أموالا طائلة على سفراته وتنقلاته باصطحاب آلاف المرافقين ومئات السيارات والكراسي والسلالم المتحركة المذهبة، وقيام ولي العهد بشراء جزر في المالديف، وشراء يخت بأكثر من نصف مليار دولار بـ550 مليون دولار، وقصر لويس الرابع عشر في فرنسا بقيمة 300 مليون دولار، وشراء لوحة دافنشي بقيمة 450 مليون دولار، وهذه بعض وليس كل ما يبذخ به الأمير بشراء الأغلى في العالم!. ولكن للأسف لا يوجد قانون محاسبة. من أين لك هذا؟.
جريدة القدس العربي
أضيف بتاريخ :2018/02/20