بطالة في وجود 88 ألف وظيفة شاغرة
عقل العقل
ناقش مجلس الشورى الأسبوع الماضي تقرير وزارة الخدمة المدنية والذي أظهر وجود 88 ألف وظيفة شاغرة في عدد من الجهات الحكومية، خاصة في الجامعات السعودية وفي القطاع الصحي، وأوصت لجنة الموارد البشرية في المجلس بوضع سقف أعلى للتعاقدات التي تتم مع المستشارين والخبراء، ووضع ضوابط لها، ومعالجة الاختلالات الوظيفية والمالية الناجمة عن هذه التعاقدات، مؤكدةً أن عملية ظاهرة التعاقد والاستعانة بالمستشارين والخبراء في الجهات الحكومية وتقاضيهم رواتب وأجور عالية، تفوق رواتب ومكافآت موظفي الجهاز المعني، أدت إلى خلل وظيفي ومالي ينبغي التوقف عنده.
لا أعرف ما هو سبب عدم شغر هذه الآلاف من الوظائف في القطاعات الحكومية، وكلنا يعرف أن البطالة لدينا في حدود 12 في المئة، وفي حال استمرار عدم التوظيف على هذه الوظائف وغيرها فإن نسبة البطالة مرشحة للزيادة في السنوات القادمة، خاصة مع دخول خريجين جدد من الجامعات السعودية والعائدين من برنامج الابتعاث.
مجلس الشورى ليس لديه الصلاحية لفرض توصياته على وزارة الخدمة المدنية في هذه القضية الوطنية الحساسة، ولكن الشكر له على توصياته المهمة. لا أعرف ما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم طرح هذه الوظائف أمام طالبي العمل، قد يكون لدى الوزارة إعادة هيكلة لأنظمة التوظيف، ولكننا لا نريد أن تستمر في دراستها لسنوات حتى تتفاقم أزمة البطالة لدينا، و «الشورى» ذكر أن شغل هذه الوظائف ليست مسؤولية جهة واحدة وهي بالفعل، ولكن باعتقادي أن وزارة الخدمة المدنية هي الجهة المركزية في عملية التوظيف في القطاع العام.
رقم ملفت آخر في الوظائف المتاحة في القطاع الصحي بوجود 22 ألف وظيفة للأطباء السعوديين، حقيقة لا أعرف مدى دقة هذه الأرقام، أم هي للاستهلاك الإعلامي، والكل يعرف أن هناك صعوبة يواجهها بعض خريجي التخصصات الطبية كطب الأسنان في الحصول على وظائف؛ فأين الآلاف من هذه الوظائف التي تعلن عنها وزارة الصحة؟ أم أنها مشغولة بغير سعوديين يتقاضون رواتب أقل في حال شغلتها كفاءات وطنية.
حالة أعرفها شخصياً، فأحد الأصدقاء تخرجت ابنته في تخصص طب الأسنان في منطقة القصيم، ومنذ عامين وهي تبحث عن وظيفة في منطقتها ولم تجد، تخيل وظائف طب الأسنان في منطقة كالقصيم 11 وظيفة. إذن، الحل لها ولغيرها هو العمل في المستوصفات الخاصة، بحيث لا تتعدى الرواتب فيها عن أربعة الآلاف ريال.
النقطة المهمة التي طالب مجلس الشورى بالحد منها، هي قضية المستشارين والخبراء في بعض الأجهزة الحكومية، وأنا أتساءل والآلاف من الموظفين الذين أمضوا عشرات السنيين وهم على وظائف معروفة رواتبها الأساسية، وفجأة يجدون أنفسهم محاطين بخبراء ومستشارين يتقاضى الواحد منهم رواتب فلكية تصل إلى أكثر من 100 ألف ريال، بأي حق يحصلون على هذه المميزات الخيالية والتي لو استغلت لأسهمت في توظيف الآخرين من الخريجين الجدد.
باعتقادي أن مسألة توظيف المستشارين والخبراء، خاصة أنها من صلاحيات المسؤول الأول في القطاع، عرضة للمحاباة والعلاقات الشخصية، وقد تدخل في باب الفساد الإداري، لاسيما أننا لم نشهد بالمجمل تلك المخرجات الإبداعية في الجهات التي تضج بالمستشارين.
صحيفة الحياة
أضيف بتاريخ :2018/03/20