الخداع الأميركي
زياد حافظ
نحيي هذه الأيام ذكرى أولى جرائم القرن الحادي والعشرين، أيّ احتلال العراق وتدميره على يد قوى تحالف الأطلسي وعدد من الدول خارج إطار مجلس الأمن والقانون الدولي والمواثيق الدولية. فالولايات المتحدة التي قادت ذلك التحالف لم تعتبر نفسها معنية بالقانون الدولي أو مجلس الأمن. أما الجرائم الأخرى فهي العدوان الكوني على سورية، وتبنّي جماعات الغلو والتعصّب والتوحّش في كل من العراق وسورية، والعدوان على سورية وليبيا واليمن. فمن يقرأ تاريخ الولايات المتحدة القريب أو البعيد يصل إلى نتيجة قاطعة أنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة بشكل عام في اتفاقاتها الشفهية أو حتّى المبرمة بشكل خاص. فثقافة الولايات المتحدة في التعاقد بين الأطراف، سواء كانوا في القطاع الخاص أو في القطاع العام، أو مع الدول الصديقة أو غير الصديقة، تفضي أن الولايات المتحدة ستتخلّى عن أي أتفاق أو أي تعاقد أو أي التزام مكتوب، فما بالك في ما يخصّ الاتفاقات الشفوية، عند أول فرصة تسمح بذلك وإن كانت على حساب مصالحها الاستراتيجية أو سمعتها.
فهذه الثقافة مبنية على قناعة وواقع أن التعاقد بين أطراف هو نتيجة لموازين قوّة سائد عند توقيع الاتفاق أو الالتزام بتفاهمات شفوية أو خطّية. وبما أن سنّة الحياة هي السعي إلى تحسين الوضع لكل طرف، فيصبح الاتفاق إن كان مبرماً أو شفوياً عبئاً على الطرف الذي استطاع تحسين وضعه. وبالتالي فإن الواجب الأخلاقي من وجهة نظر الثقافة الأميركية! هو نقض الاتفاق الذي يحدّ من الإمكانيات المتزايدة خارجه أو الخروج عنه لعقد اتّفاق آخر يعكس بشكل أفضل التغيير في موازين القوّة بين الأطراف المتعاقدة. لذلك أصبح قطاع المحاماة في الولايات المتحدة من أهم القطاعات الاقتصادية والمالية لانشغال الأميركيين أفراداً ومؤسسات بالدعاوى!
تاريخ الولايات المتحدة حافل بنقضها لاتفاقات مبرمة سنذكر منها اتفاقين مبرمين لما لهما من أهمية على العلاقات الدولية والاستراتيجية، كما سنشير إلى اتفاقات أخرى اقتصادية وسياسية وثقافية تمّ ضربها عُرض الحائط. الحالة الأولى هي الخروج عن الاتفّاق لتحديد الصواريخ البالستية المعروف باتّفاق «أ بي أم» الذي أقدمت على إشعاره إدارة جورج بوش في أواخر عام 2001 ثم تنفيذه عام 2002. كان ذلك الخروج أحادياً، لأن الولايات المتحدة اعتبرت أن لا مصلحة لها بالتقيّد بذلك الاتفاق خاصة أنها كانت تنوي بناء منظومة صاروخية مضادة للصواريخ البالستية والتي تحظرها اتفاقية أ بي أم. وقيمة هذا الاتفاق الذي أبرم عام 1972 بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة أنه كان نتيجة المحادثات لتخفيض الاسلحة الاستراتيجية التي رافقتها والمعروفة باتفاقيات «سالط» أي محادثات تخفيض السلاح الاستراتيجي بالأحرف الأولى في اللغة الانكليزية. فهذا الاتفاق كان نتيجة محادثات سالط 1 عام 1972، بينما تعثّرت المحادثات بعد 7 سنوات محادثات سالط 2، بسبب عدم التوازن في التسليح الاستراتيجي والتكنولوجي بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. لكن المهم أن اتفاق أ بي أم صمد 30 سنة حتى إدارة بوش. فسباق التسليح بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة بدأ منذ تلك الفترة بعد سنتين من وصول فلاديمير بوتين إلى الرئاسة عام 2000. فقرار إدارة بوش بالانسحاب واجهه الرئيس الروسي بقرار تطوير القدرات العسكرية الروسية نوعاً قبل أن تكون كمّاً كما كشف عنه في خطابه الأخير في مطلع شهر آذار/مارس 2018. وقد أكّد على مسؤولية الولايات المتحدة في التسبب في سباق التسلّح في مقابلة على الشبكة الأميركية أن بي سي بعد بضعة أيام من خطابه الشهير. والجدير بالذكر أن معظم القادة العسكريين الأميركيين ومنهم فوتل قائد المنطقة المركزية الوسطى ومسؤولون آخرون في البتناغون أخذوا على محمل الجدّ خطاب الرئيس الروسي وإقرارهم أن منظومتهم الدفاعية غير مؤهّلة لمواجهة المنظومة الروسية الحديثة، كما أشرنا في مقال سابق.
واليوم يكثر الحديث في أروقة الإدارة الأميركية عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية في إيران، رغم اعتراض العديد في الولايات المتحدة، ورغم اعتراض الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة وخاصة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا. هذا يدلّ على عدم اكتراث الولايات المتحدة بالاتفاقات التي تعقدها ولا تهتم بمصالح غير مصالحها وكأن تغيير الإدارات لا يعني استمرارية في الالتزامات. وهذا مخالف للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية والدولية.
وهناك اتفاقيات غير مبرمة مع الاتحاد السوفياتي في أواخر الثمانينيات وقبل سقوطه، والتي أفضت إلى قبول الاتحاد السوفياتي بتوحيد ألمانيا على أساس أن الحلف الاطلسي لن يتوسع شرقاً في أوروبا ليتاخم الاتحاد السوفياتي ويهدّد أمنه مباشرة. كما تمّ الاتفاق على أن تصبح أوكرانيا دولة حاجز بين منظومة الاتحاد الأوروبي والأطلسي والاتحاد الروسي. كان ذلك الاتفاق مع إدارة بوش الأب غير أن إدارة كلنتون نقضته مستفيدة من تفكّك الاتحاد السوفياتي ومجيء رئيس روسي ضعيف بوريس يلتسن. وكانت حجّة إدارة كلنتون أن ليس هناك من أي نصّ مكتوب يلزمها بذلك، رغم وجود أدلّة قاطعة على التفاهم الشفهي الذي حصل بين غورباشيف وبوش الأب والمستشار الألماني هلموت كول وقيادة الحلف الأطلسي. فكانت حروب البلقان في التسعينيات التي أدّت إلى تفكيك يوغسلافيا ومآسي البوصنة والهرزاق توّجها الهجوم الأميركي على صربيا وقصفها من الجوّ لمدة طويلة أدّت إلى إخضاعها وبالتالي إذلال حليفتها روسيا.
الحالة الثانية هي قرار إدارة ترامب بالانسحاب من اتفاقية المناخ التي وُقّعت في باريس عام 2015 والتي كانت تهدف إلى احتواء الاحتباس الحراري، وذلك عبر فرض قيود على الإنتاج الصناعي وضرورة إيجاد تكنولوجيات ملائمة للحفاظ على البيئة. قرار الانسحاب من ذلك الاتفاق كان من أول القرارات التي اتخذها ترامب، حيث اعتبر أن الاحتباس الحراري خرافة ويفرض قيوداً وكلفة إضافية غير مقبولة على الإنتاج الصناعي الأميركي. والمأساة هنا هي اعتماد الرئيس الأميركي سردية الانجيليين المتشدّدين الذين لا يعترفون بالقاعدة العلمية لظاهرة الاحتباس الحراري وأن الأخير هو مجرّد وجهة نظر غير مدعومة بالوقائع، حتى وإن كان هناك شبه إجماع عند العلماء على ذلك بما يدحض تلك السردية. فقرار الرئيس الأميركي بالانسحاب من تلك الاتفاقية، والتي كانت تعتبر من إنجازات الرئيس السابق باراك اوباما، لم يخل من الكيدية بحق سلفه، وإن كان على حساب المصلحة الأميركية المتوسطة والبعيدة. أما تداعيات الانسحاب من الاتفاقية فهي ستكون وخيمة على الولايات المتحدة والعالم من الناحية البيئية ولن تعود بالضرورة إلى منافع للصناعات الأميركية كما تعتقد الإدارة الحالية.
أما على الصعيد الاقتصادي، فكافة الاتفاقات التي قد وقّعتها الولايات المتحدة عند إنجاز منظمّة التجارة العالمية بتخفيض أو إلغاء التعرفات الجمركية أصبحت بمهبّ الريح مع الإدارة الحالية. أقدم الرئيس الأميركي على فرض تعرفات جمركية على استيراد الصلب والألومنيوم كما فرض تعرفات على المتنوجات الصينية بقيمة 60 مليار دولار بحجة عدم التكافؤ في الميزان التجاري مع الصين. طبعاً، هذا القرار أثار حفيظة الحلفاء والخصوم على حد سواء وقد يؤدّي إلى نتائج وخيمة من حروب تجارية وحروب في صرف العملات مزعزعة أكثر مكانة الدولار المهتزّ أصلاً. وهذا القرار اتخذ ضد رأي المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض ما أدّى إلى استقالتهم.
أما على صعيد السياسة الخارجية فنجد الولايات المتحدة لا تكترث للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن. فهي تقدم على خطوات خارج مجلس الأمن كاحتلال أجزاء من سورية وقبل ذلك العراق وقصف مواقع للدولة والجيش السوري وذلك من دون أي تكليف دولي بل ضاربة عرض الحائط كل ذلك. أضف إلى ذلك الاتهامات التي تلصقها مندوبة الولايات المتحدة نيكي هايلي بحق روسيا أو إيران دون أي دليل والتهديد المباشر لسورية ولجميع الدول التي لا تلتزم بالموقف الأميركي. فالبلطجة هي أساس السلوك الدبلوماسي في الولايات المتحدة. وإذا أضفنا تصريحات وزير الخارجية الجديد مايك بومبيو بأن لا جدوى للدبلوماسية فهي مضيعة للوقت على عكس ممارسة القوّة العارية التي هي أفعل نرى مدى الانحدار والاستهتار بالقوانين فما بالك بالأعراف الدولية!
قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس هو أيضاً مخالف للقوانين والمواثيق الدولية، كما أن تمويل الكيان الصهيوني للاستمرار في بناء المستعمرات في الأراضي المحتلّة هو أيضاً مخالفة للقانون الدولي. فالولايات المتحدة لا تعتبر أنها مقيّدة بذلك والوعود التي قطعتها على القيادات الفلسطينية بالتوسّط مع حكومة الكيان تبيّن أنها خدعة. نشير هنا إلى كتاب الدكتورة بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والرئيس الحالي بشّار الأسد حول المحادثات بين سورية والولايات المتحدة والنفاق الذي أظهرته القيادات الأميركية المفاوضة خلال التفاوض. فما كانوا يقولونه في الغرف المغلقة كانوا ينقضونه في العلن! كذلك الأمر بالنسبة لمهام الموفد الأميركي إلى لبنان دافيد ساترفيلد الذي ادّعى التوسّط بين حكومة لبنان وحكومة الكيان في قضية بلوك رقم 9 لحقول الغاز مقابل شاطئ لبنان الجنوبي تبيّن أنه ينقل وجهة نظر الكيان الصهيوني ضارباً عرض الحائط القانون الدولي بالنسبة لتحديد الحدود البحرية الاقتصادية للبنان.
هناك حادثة يجب ذكرها أيضاً لأنها تشكّل مفصلاً أساسياً في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. فروسيا تتّهم الولايات المتحدة ودول الغرب بالخداع في ما يتعلّق بقرار مجلس الأمن 1973 عام 2011 المتعلّق بحظر التحليق في أجواء ليبيا وضرورة حماية المدنيين. تعتبر روسيا أن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة استغلّوا القرار لشنّ هجوم الحلف الأطلسي على ليبيا وتدميرها وقتل رئيسها. فالتفسير الذي تبنّاه الحلف الأطلسي لقرار مجلس الأمن يناقض نصّاً وروحاً القرار الأممي ما أثار حفيظة روسيا فأدّى إلى انتهاجها دبلوماسية متشدّدة وهجومية تجلّت في التحالف مع الدولة السورية في مواجهة الحرب الكونية على سورية في مجلس الأمن وفي الميدان.
نذكر هنا محاولات وزير الخارجية الأميركية السابق جون كيري في الولاية الثانية للرئيس أوباما لعقد تفاهمات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول تخفيض التوتّر في سورية تمّ إفشالها من قبل أطراف داخل الإدارة الأميركية. فحادثة الهجوم الأميركي على مواقع الجيش العربي السوري في دير الزور عام 2016 أدّى إلى سقوط شهداء واحتلال فصائل داعش لمواقع الجيش العربي السوري، وذلك رغم الاتفاق بين كيري ولافروف الذي سبق الهجوم بأيام عدّة. ومؤخّراً الهجوم في مطلع هذا العام على وحدات روسية في منطقة دير الزور أيضاً أدّى إلى سقوط أكثر من مئة قتيل بين القوّات الروسية وإن كانت تابعة لشركات أمنية روسية خاصة، وذلك رغم «التفاهم» المتبادل بين الأميركيين والروس لعدم التصادم المباشر. فكان لا بد من إنذار روسي مباشر وواضح تجلّى لاحقاً في خطاب الرئيس الروسي محذّراً من أن أي اعتداء على أي حليف لروسيا بمثابة اعتداء عليها يستدعي الردّ المناسب. فمرّة أخرى تخرق الولايات المتحدة كلماتها لأغراض ظرفية وإن كانت على حساب المصالح الطويلة المدى وكأنها لا تكترث لها.
أما على صعيد منطقة الشرق الأوسط فالسلوك الأميركي مع بعض حلفائها يثير ريبتهم. فالتعاطي مع قيادة إقليم كردستان أدّى إلى سقوط الرهان عليه كورقة ضاغطة على حكومات بغداد وطهران ودمشق. والشعور عند القيادات الكردية هو أن الولايات المتحدّة تخلّت عنها. لكن على ما يبدو فإن القيادات الكردية في سورية تُعيد كرّة التحالف مع الولايات المتحدة وإذ تجد نفسها تواجه بمفردها الجيش التركي في عفرين، وربما في منطقة منبج وعين العرب والقامشلي. من جهة أخرى نشهد تعاظم الحذر التركي بل الريبة من الموقف الأميركي. فالثقة أصبحت شبه معدومة بين الطرفين. ونشير هنا إلى بعض الأوساط الأميركية كرئيس مجلس العلاقات الخارجية ريشارد هاس أنها تعتبر التحالف مع تركيا غير ضروري، بل التحالف مع الأكراد هو الأهم. هذا وكانت أصوات عديدة في الولايات المتحدة اعتبرت تركيا غير صديقة لها، وإن كانت في معسكر حلفائها.
ونقض الاتفاقات ليس محصوراً بالقطاع السياسي والعسكري والاقتصادي بل يشمل أيضاً القطاع الثقافي والرياضي. فلا ننسى مقاطعة الولايات المتحدة للألعاب الأولمبية في موسكو عام 1980 ولا ننسى انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الأونيسكو التي ساهمت في إنشائها ودعمها طالما المصالح الصهيونية لم تكن مهدّدة. والآن تقطع الولايات المتحدة مساهمتها في منظمة الأنروا بعد أن خفّضت تمويلها للأمم المتحدة عقب التصويت في الجمعية العامة ضد قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس. فالكيد أصبح عاملاً أساسياً في اتخاذ القرارات وإن أضرّت بسمعة ومصالح الولايات المتحدة. فتعتبر نفسها فوق كل الاعتبارات!
أما الوعود فلن ندخل في مناقشتها، لأنها عديدة خاصة أن الولايات الأميركية لا تحترم حتى حلفائها الأوروبيين. وبالتالي يصبح التساؤل حول مصداقية الولايات المتحدة أكثر جدّية، وإن كانت موازين القوّة بين الولايات المتحدة وأوروبا ما زالت لصالح أميركا. لكن هل تستطيع الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية ومع الكيان الصهيوني وبعض دول الجزيرة العربية خوض معارك استراتيجية في المشرق العربي وتواجه كلاً من محور المقاومة وروسيا ومن ورائهما الصين، خاصة أن الثقة بين أعضاء ذلك التحالف الغربي مهتزة؟ سؤال محفوف بالمخاطر التي لا تستطيع الولايات المتحدة ولا بعض الحكومات الأوروبية الإجابة عليه. فهي ما زالت تعتقد أن بإمكانها ضرب تحالف محور المقاومة وروسيا من دون أي ردّ فعل مكلف لها ومن دون تصدّع التحالف الغربي.
هذه بعض الملاحظات التي تجعل الدول الصاعدة كروسيا والصين تشكّك في مصداقية أي كلام يصدر عن الولايات المتحدة. فالمواقف العدوانية الأميركية ضد كل من روسيا والصين رغم الاتفاقات المبرمة معهما تؤكّد أن العقوبات المفروضة عليهما عقوبات فاقدة أي قاعدة شرعية دولية سواء الرغبة الأميركية التي تعتبر أن ما تقوله في لحظة ما هو القانون وليس أيّ شيء آخر. فهل يمكن الوثوق بالولايات المتحدة بعد كلّ ذلك وما هي قوّة القانون الدولي الذي لا تحترمه الولايات المتحدة؟ فشريعة الغاب هي التي تتحكّم بسلوكها. ذلك يذكّرنا بمقولة الشاعر البيروتي الراحل المرحوم عمر الزعنّي الذي كان يردّد بالعامية:
بلا عصبة يقصد آنذاك عصبة الأمم قبل إنشاء الأمم المتحدة ، بلا مجمع
كلّ دولة إلها مطمع
الحق بيد القوّة
والقوّة ببوز المدفع!
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2018/03/24