أصاب الأسد عندما تحدث عن تغيير الخارطة السياسية للعالم.. هل سلم ترامب وبن سلمان بالواقع؟
الدكتور محمد بكر
حديث الرئيس الأميركي عن سحب قواته العسكرية من سورية وانه سيترك هذا الملف ليهتم به الآخرون، وإن جمّله بالحديث عن هزيمة تنظيم داعش وأنهم أنهوا دولة الخلافة، ينسف عملياً ماقيل مؤخراً على لسان تيلرسون والبنتاغون بأنهم باقون في سورية، وكذلك ينسف كل التحليلات التي قيلت عن تداعيات تعيين طاقم صقوري أميركي بعد التعديلات الأخيرة التي أجراها ترامب بتعيين بومبيو وجون بولتون، لجهة أن المنطقة تسير نحو مزيد من التأزيم والتصعيد، في ذات السياق يأتي تصريح ولي العهد السعودي لمجلة التايم الأميركية بأن الأسد باقٍ في السلطة ولن يترك منصبه قريباً، لينسف هو الآخر أية تأويلات تقول بأن السعودية ستكون في صدارة الآخرين الذين سيديرون الملف السوري مستقبلاً.
مايجب الوقوف عنده ملياً، وفي حال صدقت النيات الأميركية، هي جزئية التحول في الخطاب الأميركي من تصعيدي كبير، إلى انسحاب مفاجئ بين ليلة وضحاها، نعم متانة التحالف الاستراتيجي لمحور دمشق، وصمود المؤسسة العسكرية السورية طيلة سبع سنوات، وإدراك الولايات المتحدة جدية دمشق وحلفائها بالمضي حتى النهاية في يوميات الميدان السوري، وفرض إيقاع العمليات العسكرية، وكذلك رسائل السيطرة وتأمين العاصمة دمشق وحسم ملف الغوطة الشرقية، وحديث الأسد عن تغيير الخارطة السياسية للعالم كنتيجة لقوة حلفه، ومفرزات التناغم التركي الروسي الإيراني في الشمال، كلها عوامل رئيسة في تغيير شكل ومضمون الخطاب الأميركي في سورية، لكن سرعة هذا التحول من دون أية ممهدات يشي بالكثير، وينم إما عن اتفاق جرى التوصل له مع الجانب الروسي في سورية يراعي القلق الإسرائيلي من تواجد إيران في الجنوب السوري، وربما تقديم ضمانات لمنع أي تدهور أو إنزلاق لتصعيد عسكري ضد الكيان الصهيوني خلال المرحلة القادمة، أو أن الأميركي يعد لسيناريو جديد وأبلسة أخرى عنوانها وعينها على إيران.
نميل للاحتمال الأول أكثر، فديناميكية العقل التجاري لترامب وحديثه عن تريليونات الدولارات التي كلفت بلاده في الشرق الأوسط ومن دون حصاد، يدفع الأميركي للسير باتجاه احتواء إيران ،والضغط على الروسي لتصدر هذه المهمة وبناء صيغة تهدئة طويلة الأمد.
لانعرف تماماً مالذي يدور في ذهن واشنطن وحلفائها وإلى أين وصلت الأمور والسيناريوهات، في جزئية نقل المعركة للداخل الإيراني التي تحدث عنها ولي العهد السعودي وهل تم غض النظر عنها أم أنها قد بدأت، لكن ماهو مؤكد أن الدولة التي تتحدث عن منظومات صاروخية بتكنولوجيا لاتمتلكها لا أميركا ولا روسيا، وأنه لاوجود لشيء اسمه إسرائيل بعد خمسة وعشرين عاماً، وأنها انتصرت على الولايات المتحدة الأميركية في سورية، لن تغادرها العيون الأميركية وسيناريوهاتها وإن آجلاً.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/04/02