لم يعد السؤال هل يُلدغ المؤمن.. بل هناك من يستجدي الضربة الأمريكية “نصرة لله”!
د. نبيل نايلي
“وصلنا إلى اللّحظة التي يتعيّن أن يرى العالم فيها تحقيق العدالة. سيسجّل التاريخ هذا بوصفه الوقت الذي أدى فيه مجلس الأمن واجبه أو أظهر فشله الذريع والتام لحماية شعب سوريا.. أيّا كان الموقف فإن الولايات المتحدة ستردّ “. سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة، نيكي هيلي.
يدفع السوريون مضاعفا ثمن المسوّغ والذريعة لتدخّل أمريكي عسكري -استعراضيا كان أو مباشرا على دمشق-! ويتعامى بعضهم أو يتناسى أو يكابر على كذب وبهتان وصلف الإدارات والمسؤولين الأمريكيين والغربيين المتباكين على حياة السوريين، الذين يذبحونهم بطرق أخرى، وكأن صواريخهم في العراق وليبيا حولتها إلى جنات عدن!!!
حين يتوعّد مستشار البيت الأبيض للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، توماس بوسرت، أنه ”لا يستبعد شيئا“، وأنّ الإدارة الأمريكيّة “تدرس الهجوم في الوَقت الحالي”، لا يساورنا أي شكّ في نية هذه الإدارة وما جوقة التصريحات والمواقف الأوروبية إلاّ تعبيد طريق وخلق مبرّر أخلاقي لمن لا أخلاق لهم!
هؤلاء الذين يحاضرون ويتباكون على حياة السوريين هم من ساندوا الإدارة الأمريكية حين غزت العراق على فرية كبرى ولا يزال المسؤولون عن جرم العراق أحياء ودون محاكمة والعراق يحيي اليوم الذكرى 15 للعدوان المستمر!
تقارير “الوول ستريت جورنال” تفيد أنّ “مدمّرة حربية أمريكية مجهّزة بصواريخ تتّجه نحو السواحل السورية وأن هذا التحرّك يأتي ضمن رد عسكري محتمل على مقتل 78 مدنيًا، في هجوم كيميائي على مدينة دوما.
وما هذا التحليق المكثف لطائرات التحالف الدولي على ارتفاع منخفض فوق التنف قرب الحدود السورية العراقية، ثم فشل مجلس الأمن الدولي في تبنّي أيّ من مشاريع القرارات الثلاثة إلاّ تثبيط للعزائم للقبول ب”أمر واقع″ أمريكي يتجاوز هذا المجلس ولا يقيم له اعتبارا!
تقول نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة في تعليقها على جريمة دوما الشنعاء: “من فعل ذلك؟ وحده وحش قادر على فعل ذلك”، مؤكدة أن “الولايات المتحدة مصمّمة على رؤية هذا الوحش الذي أطلق قنابل كيميائية على الشعب السوري يحاسب على أفعاله”. طيب لنقم بتحقيق محايد ومستقل وليضمن المحققون أنهم لن يُقالوا بعدها أو تُسفّه تقاريرهم –أيا كان الفاعل- أما العدوان على سوريا ” أيّا كان الموقف”، فقول ممجوج ومردود عليه والأكاذيب التي ردّدوها قبل غزو العراق، لا زلنا نذكرها ونعرف جيدا الوحش الذي تربت وتتربّى بين أحضانه هذه المسوخ التي كثيرة نهشتنا وتنهشنا في كل مكان وبرعايتهم وأسلحتهم!
أما قولها “عندما يقصف النظام السوري مدنيين فهو يفعل ذلك بمساعدة من روسيا”، فدونك روسيا وقواعدها وخبراؤها خارج سوريا! أرينا ماذا أنت فاعلة بهؤلاء الروس!
ما يحزّ في النفس أننا لم نعد نردّد “هل يُلدغ المؤمن من جحر مرتين؟” فقد لدغ المرات والمرات ولم يتعظ مازوشيونا، المأساة أن يهلّل ويستعجل جيش من “النخبة” ضربة أمريكية –نصرة لله، كما قال قرضاويهم- قد تحوّل سوريا –لا قدر الله – إلى عراق جديد في غفلة من هؤلاء الذين يحاربون إيران بإغداقهم ما تبقّى في خزائنهم على الفرنسيين بعد أن منحوا بعضها “جزية” للأمريكيين!
لا نراهن على أحد في محنتنا –فكلّ له حساباته وأجنداته – فقط على سوريا والسوريين في تصدّيهم للعدوان، أما البقية فنسألهم أين انتهى هؤلاء الذين عبّدوا طريق المحتل إلى بغداد وغيرهم كثير؟؟؟
*باحث في الفكر الاستراتيجي، جامعة باريس
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/04/12