جُلنا مهايطيون!
عبدالله المزهر
بعد أن تناولا وجبة العشاء والتي كانت عبارة عن حيوان مكتمل الأعضاء كوجبة رئيسية مضاف إليها بعض الكماليات التي تتكون من حيوانات أصغر ونباتات وسوائل مختلف ألوانها، جلسا يتسامران ويتحدثان عن أحوال الناس، وكان مما دار في حديثهما الودي تخوفهما من عقاب الله سبحانه بسبب التبذير والإسراف والهياط الذي انتشر بين الناس، ثم شتما أولئك المسرفين المتبجحين الذين ظهروا في مقاطع فيديو وهم يغسلون أيديهم بدهن العود أو ينثرون الهيل أو يجلسون أمام طعام كثير!
هذان المجهولان يمكن أن يكونا أي سعوديين، أنا وأنت وكل الذين يقولون مالا يفعلون، أولئك الذين يظنون أن الخطأ لا يكون خطأً إلا حين يرتكبه الآخرون، أما حين يرتكبونه هم فهو من البديهيات والضرورات التي يباح معها كل شيء.
الشاعر الذي كتب قصيدة أصبحت شيلة تُغنى عن الإسراف والمسرفين هو نفسه بشحمه ولحمه يكتب قصائد تمتدح أفعالا لا تختلف كثيرا عن الأفعال التي ينتقدها.
وفضيلة الشيخ الذي يؤلمه منظر الإسراف يمارس البذخ بطريقة أخرى، وبعضهم أقام حفلات زواج كلفت مبالغ يمكن أن تُطعم مدنا بأكملها.
وذلك الذي يُعطي مطربة أو مطربا مليون ريال ليغني له ساعتين في حفل زفاف يكتب ويحذر من عقاب الله بسبب الذين يغسلون أيديهم بدهن العود.
أفعال الهياط السخيفة موجودة منذ العربي الأول، وكل ما في الأمر أن توثيقها أصبح سهلا، ولو افترضنا أنه انتشر الآن مقطع فيديو لرجل يذبح حصانه ليطعمه لضيوفه لطالبنا بعقابه، لكن لأن هذا الحدث موجود في الكتب فقط فإننا سنعتبره رمزا للكرم.
وعلى أي حال..
من الواضح أن الأفعال التي ننتقدها جميعا أفعال قبيحة، وأول خطوة للتقليل منها هي ألا نمارسها بأنفسنا، وألا نعتبر ممارستنا لها بدرجات أقل أو بصور غير مباشرة وفجة مبررا للاعتقاد بأننا نختلف عمن ننتقدهم!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/01/23