مع اقتراب شهر رمضان.. العالم الإسلامي يتلقى صفعتين
فوزي بن يونس بن حديد
مع استقبال شهر رمضان المبارك سيتلقى المسلمون في أصقاع الأرض كافة صفعتين حارّتين، بطلاهما ترامب ونتنياهو وضحاياهما المسلمون، تتمثل الأولى في نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس الشريف، وقد سبق لترامب أن توعّد المسلمين بأن ينفّذ وعيده، وسبق له أن وعد اليهود بأن ينفّذ وعده الذي طال أمده، ذلك الوعد الذي انتفض المسلمون عندما سمعوا به وصالوا وجالوا، وخطبوا في الناس وهيّجوهم للتصدي لهذا القرار المزعوم، فعمّت المظاهرات البلاد الإسلامية وحتى الأوروبية والأمريكية ولكنها سرعان ما خبت نارها التي يبدو أنها لم تستعر بالشكل الكافي، وها هو الموعد المحدد يقترب من النهاية والمسلمون مشغولون باستقبال شهر رمضان المبارك، ويبدأ اليهود والأمريكيون الاستعداد لهذه الخطوة الجريئة وقد يحضر ترامب بنفسه عملية النقل المشؤومة، ويموت المسلمون غيظا.
كل المؤشرات تدل على أن ترامب ماض في قراره ولا رجعة فيه تنفيذا لوعد قطعه على نفسه ولن يتراجع فيه، وكل المستشارين حوله يدعمون هذه الخطوة المجنونة من مستشاره القومي جون بولتون إلى نائبه مايك بنس إلى وزير خارجيته مايك بومبيو وغيرهم من صقور الإدارة الأمريكية الجديدة، وسيحتفي نتنياهو بهذه العملية وتصيّره بطلا في إسرائيل حيث نجح كرئيس لوزراء إسرائيل في تحقيق الحلم اليهودي، وسيصفق له الإسرائيليون الصهاينة لأنه منحهم العزة والكرامة في إسرائيل وحقق لهم يهودية الدولة وليس بإمكان المسلمين المطالبة بالقدس عاصمة لفلسطين على طول التاريخ القادم، وبعد أن كانت الحقيقة بيد المسلمين والحلم بيد اليهود، أصبحت الحقيقة حلما والحلم حقيقة، يا لها من مفارقة عجيبة غريبة، كيف ضيّع المسلمون الفرصة التاريخية من بين أيديهم حتى جاء اليوم الذي استطاع فيه العجمُ أن يُحكموا سيطرتهم على أقدس مكان في العالم، فهل يتحقق الأمر أم ستكون هناك مفاجآت في الطريق لم يحسب لها ترامب حسابا؟
أما الصفعة الثانية التي سيتفاجأ بها المسلمون، وهي نكسة أخرى من نكسات العالم الإسلامي فتكون حينما يعلن ترامب في الثاني عشر من مايو الجاري إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وسحب توقيع بلاده عليه ومن ثم البحث في عقوبات جديدة على طهران ومنازلتها عسكريا إن اقتضى الأمر ذلك. وقد سبق أن هدّد الرؤساء الأمريكيون السابقون إيران بالتدخل العسكري عندما كانوا يصرحون بأن كل الأوراق مطروحة على الطاولة بما فيها التدخل العسكري، وهذا أيضا ما يفرح نتنياهو الذي ما فتئ يحاول منذ مدة ليست قصيرة النبش في هذا الاتفاق ومحاولة إلغائه، وقد استطاع أن يقنع ترامب بذلك في فترة وجيزة جدا بينما ظل أوباما سلفه سنوات حتى وصل إلى صيغة يجمع عليها العالم ويتفق فيها مع إيران عبر اتفاق وُصف بأنه مناسب للجميع، وبينما يجد ترامب ونتنياهو معارضة شديدة من الدول الأوروبية وروسيا والأمم المتحدة للإخلال بهذا الاتفاق نجد إيران أيضا تحذر ترامب ومن أعلى مستوى من مغبة الانسحاب من الاتفاق لأن ذلك لو حصل سيجعلها تنطلق في برنامجها النووي ولن يوقفها شيء بعد ذلك ولن يحد من قدراتها النووية أحد.
وأمام هذا المأزق التاريخي، ولكي يجد نتنياهو مخرجا مما سيحدث بدأ يفكر في إيجاد وسيلة لتبرير موقفه، وبدأ يضع الخطط المناسبة لمواجهة ما سيحدث لو حدث، فقد ادّعى أن لديه وثائق تثبت أن إيران تعمل سرا على إنتاج قنبلة نووية، ويؤكد ذلك بأن هذه الوثائق قطعية وثابتة بينما تنفي إيران ذلك نفيا قاطعا بل تعتبر مجرد التفكير في صنع قنبلة نووية حراما شرعا، فضلا عن استخدامها في الحروب، وتبين مدى إصرار الصهاينة على تشويه سمعتها للنيل منها بكل الطرق، وربما سيلقى ترامب بذلك ذريعة للخروج من الاتفاق النووي مع إيران، رغم تماسكه وحث الدول الأخرى أمريكا على الإبقاء عليه وعدم الخروج.
يبدو أن النية مبيتة ولا مجال للتفاوض مع راعي الوعود القاسية في وجه المسلمين منذ أن تولى ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية، فمنذ أكثر من عام وهو يطلق تغريداته المفزعة الواحدة تلو الأخرى، تهديدات وابتزازات واستفزازات ومراوغات، جعلت العالم أكثر خطورة من ذي قبل، وجعلت أمريكا مهددة من الداخل بتهديدها للخارج سواء إيران أو روسيا أو أي دولة أخرى.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/05/02