احذروهم وخذوا المعلومة من مصدرها العلمي
محمد بن سليمان الأحيدب
تطورنا كثيراً وتطورت وسائل الاتصال وأصبحت المعلومة تأتيك مع الهواء الذي تتنفسه، ولكننا لم ندرك بعد ضرورة التثبت من المعلومة من مصادرها العلمية البحثية وهو أمر سهل، وعدم التثبت هذا في ظل تطور وسائل الاتصال وسهولة الوصول للمعلومة أمر ينافي التطور في تعاطينا مع التقنية، أي أننا نبحث عن السهل (وهي المعلومة الطائشة) ونترك الأقل سهولة (وهو التثبت من المعلومة)، وقد قال الشاعر (يا مدور الهين ترا الكايد أحلى).
كثرت المعلومات الصحية عموماً والطبية على وجه الخصوص والصيدلانية والعلاجية بالطرق العشبية ومعلومات كثيرة عن منتجات بكافة أشكالها يروج لها مستفيدون ومنتفعون (معلنون) ولكن بطريقة خفية وكأنهم ناصحون وأصبحت هذه المعلومات تصل إليك عبر الجوال (وخاصة الواتساب) أو عن طريق البريد الإلكتروني أو تويتر والفيسبوك، وهذا أمر طبيعي أو واقع سلبي لكنه مقبول، أقصد المقبول أن تأتيك المعلومة عبر وسائل الاتصال تلك ومهمتك كإنسان عاقل، قادر، وتتوفر لديك التقنية أن تتأكد من المعلومة من المصادر العلمية الموثوقة مثل المجلات والدوريات العلمية المحكمة والتي لا تنشر إلا ما تتثبت منه بالبحث والتجربة والمراجع العلمية والعرض على علماء محكمين والتأكد أمر سهل جداً مع توفر تقنية الشبكة العنكبوتية ومكان البحث، ويجب علينا جميعاً أن نقوم بهذا التثبت تلافياً للوقوع ضحية خدعة إعلانية أو معلومة شخص (يطير في العجة).
الأمر المحزن المبكي أن تأتي المعلومة غير الصحيحة بل الكاذبة والمخادعة عن طريق قنوات إعلامية كإذاعات الـ FM أو القنوات الفضائية أو الصحف السيارّة، فهذه الوسائل الإعلامية تعتبر لدى المتلقي مصادر موثوقة، ويفترض أنها كذلك إلا فيما يخص المعلومات الصحية والطبية والصيدلانية والدوائية والغذائية وغيرها من المعلومات التي ترتبط باكتشافات علمية تستدعي تثبتاً من المصادر العلمية الموثوقة، فتلك الوسائل الإعلامية للأسف لا تتثبت إنما تطرح المعلومة دون حتى أن تفحصها عقلياً، فالمثل يقول حدّث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له، وهذه الوسائل الإعلامية أحياناً تأتي بما لا يعقل ولا يقبله العقل.
بالأمس كنت استمع لإذاعة من نوعية الـ(FM) وهي إذاعة أحترمها كثيراً لكن البرنامج استضاف طبيب تجميل كان يتحدث عن استخدامات (البوتكس) ويقول إنه يستخدم في مجالات كثيرة ومنها منع التعرق في الرجال وإن مفعوله يتراوح بين 4-6 أشهر وإنه مأمون وليس له أعراض جانبية، وبالرغم من سؤال المذيع هل له أعراض جانبية أكد الطبيب أنه ليس له أي أعراض جانبية (!!!) فبالله عليكم هل يعقل أن مادة تمنع التعرق، أي تمنع إفرازات السموم من الجسم ولمدة 6 أشهر ولا يكون لها آثار جانبية ضارّة؟!، والله لو منعت التعرق 6 دقائق لأحدثت ضرراً كبيراً، لكن الطبيب المنتفع لا يريد أن يذكر ذلك، وهذه مصيبة أو أنه يجهله والمصيبة أعظم.
صحيفة عكاظ.
أضيف بتاريخ :2018/05/08