تغيير الجغرافيا السياسية بحكم الواقع
منصور الجمري
المقابلة التي أجريتها مع السفير البريطاني السابق بيتر فورد (نشرت في «الوسط» بتاريخ 23 يناير/ كانون الثاني 2016) تطرقت إلى عدد من القضايا المهمة، ومنها كانت إجابته عن سؤال حول مصير الحدود بين البلدان في الشرق الأوسط بعد مرور 100 عام على اتفاقية سايكس-بيكو التي قسمت الأردن وفلسطين ولبنان وسورية والعراق بين بريطانيا وفرنسا، وأجاب أنه «ليس سهلاً القول إن اتفاقية سايكس-بيكو ستنتهي. تنظيم «داعش» ادعى أنه أزال الحدود بين الشام والعراق، ولكن عندما أتحدث للسوريين والعراقيين فإنهم يؤكدون أن الحدود هي الحدود، وأعتقد أن سورية والعراق سيصرَّان على حدودهما».
ولقد سمعت مثل هذا الكلام من وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري عندما زار البحرين في 24 يناير 2016 لحضور المنتدى العربي الهندي، وقال إن الإخوة الأكراد يدركون أهمية بقائهم ضمن عراق موحد.
ولكن في 22 يناير 2016، كانت صحيفة الغارديان البريطانية قد نشرت تصريحات لرئيس إقليم كردستان (شمال العراق) مسعود برزاني قال فيها إنه «لقد حان الوقت لإعادة رسم حدود الشرق الأوسط»، كما دعا برزاني زعماء العالم إلى أن يدركوا «بأن اتفاق سايكس-بيكو قد فشل»، وحثَّهم على «التوصل إلى اتفاق جديد يمهد الطريق لقيام دولة كردية». أوضح برزاني أن معادلة التعايش الإلزامي التي فرضت على الأكراد أثبتت خطأها.
الخارطة السياسية في شمال العراق تغيرت بشكل كبير منذ سيطرة تنظيم «داعش» على الموصل في منتصف العام 2014، وقامت بعد ذلك القوات الكردية بالسيطرة الكاملة على كركوك وسنجار، كما حركت تركيا قواتها شمال الموصل وهي الآن تفرض وجودها رغم أن الجامعة العربية والأمم المتحدة ترفضان ذلك.
وحالياً، فإن جولة جنيف حول سورية قد تشهد اعترافاً بتقسيمات مشابهة، إذ إن الأكراد يتمركزون في شمال سورية، والمسلحون المعارضون يسيطرون على أجزاء مماثلة بعد ذلك، وبالتالي فإن فرض الأمر الواقع بعد فترة قد يؤدي فعلاً إلى تغيير الجغرافيا السياسية، وذلك لتعذر تجارب الحلول السياسية وانتفاء ثقافة التعايش ضمن إطار وطني موحد.
الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/01/27