الاحتلال الصهيوني وخطوطه الزائلة
بشارة مرهج
أكدت المسيرات الشعبية الجريئة التي قام بها الشعب الفلسطيني المقدام بمواجهة الاحتلال الصهيوني وخطوطه الزائلة والتي تابعها العالم بانتباه واعجاب جملة امور لا بد من التنويه بها كشفا للحقيقة التي دأب الكيان الصهيوني على تزييفها منذ تأسيسه عام 1948 بقرار من الأمم المتحدة التي تتحمل هي والقوى الكبرى وزر القضية الفلسطينية وشلال الدم الفلسطيني الذي يتدفق بلا انقطاع منذ وعد بلفور حتى اليوم.
أولا: تابع العالم التحرك الشعبي الفلسطيني بانتباه وتقدير نظرا لانضباط هذا التحرك وسلميته وشموليته لكل الأجيال بحيث تجذرت صورة الفلسطيني الجريء المتمسك بحقوقه وأرضه حتى الشهادة.
وتجلت صورة الشعب الفلسطيني شعبا مقداما منافحا عن قضيته المقدسة وأن كلفه ذلك تضحيات جسام كتلك التي شهدها العالم بالأمس بأم العين على أجهزة الإعلام والتواصل حين كان الشهداء يتساقطون بالعشرات والجرحى بالآلاف.
ثانيا: مقابل هذه الصورة المشرقة للوطن الفلسطيني الناهض – رغم كل الجراح والنكبات – ظهرت صورة الكيان الصهيوني الغاصب على حقيقتها العنصرية ورأى العالم كله الجنود الصهاينة يطلقون النار على الأطفال والشباب بدم بارد وهم في حالة نشوة واعتزاز بالإثم مما أكد للملأ أن هذا الكيان الذي قام على الاغتصاب والقهر والإبادة الجماعية هو كيان متهالك ركيك يخشى الجماهير ويخشى الحقيقة .. كيان زائل لن تحميه بندقية أو مدفع أو صاروخ.
ثالثا: وضعت هذه المسيرات الحاشدة والدماء الزكية التي سالت على جوانبها حدا لكل السياسيات المتخاذلة التي لم تفهم السياسة إلا خضوعا، والمفاوضات خنوعا، والديبلوماسية استجداء، إذ حان الوقت كي تحترم الأنظمة العربية الخيارات الحقيقية للشعب الفلسطيني وتدعمه بما تقوله الشعوب لا بما تمليه واشنطن. فمن حق الشعب الفلسطيني ان يحصل على الدعم من أشقائه، يحمون ظهره ويشدون أزره، فلا يتركونه فريسة لقوى تناصب امتنا العداء . وهذه المرة – كما كل مرة – ليس مقبولا على الإطلاق أن تتذرع جامعة الدول العربية ومعها كل المؤسسات الإسلامية والدولية.. أن تتذرع بالعجز وتتقاعس عن نصرة الشعب الفلسطيني في نكبته المتجددة وفي انتفاضته المباركة فتتخذ إجراءات فعالة مالية وسياسية وديبلوماسية تتجاوب مع نداء الجماهير وصرخة الشهداء وانين الجرحى. وليأخذوا العبرة من أوروبا الضعيفة التي كانت تخشى إغضاب أميركا منذ رحيل ديغول فها هي اليوم تتنادى وتجتمع وتتشاور وتقرر الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية التي يكاد يطيح دونالد ترامب عندما فرض الرسم الباهظة على الحديد والصلب والألومنيوم وعندما خرج من الاتفاق النووي مع إيران..
هذا الترامب المرفوض من أكثرية الشعب الأمريكي المطارد من القضاء، الساخر من الحق الفلسطيني، الناكث بالوعود والعهود لا يستحق التكريم أو الصداقة بل يستحق إدارة الظهر والمقاطعة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
لشهداء غزة وجرحاها ومناضليها نقول أن دماءكم وتضحياتكم لم تذهب هدرا بل أثمرت وأعلت شأن القضية الفلسطينية وأدخلت الخوف إلى قلوب أعداء فلسطين وتقدمت بمسيرة التحرير خطوات نوعية مهمة.
عاشت فلسطين حرة عربية مستقلة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/05/24