كمال خلف

من المستغرب أن يذهب بعض النخب وممن يقولون بأنهم من أنصار حركة حماس إلى انتقاد الحديث العفوي الذي أدلى به يحيى السنوار لقناة الميادين قبل أسبوع، وخاصة ما يتعلق بدعم الجمهورية الإسلامية لحركة حماس بالمال والسلاح والخبرات لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن القطاع المحاصر، بعد أن خذله الجميع وتخلى عنه الأخوة .

الانتقادات ذهبت إلى مطالبة حركة حماس بمنع الظهور الإعلامي للسنوار، لكن ماهي الدوافع لذلك؟

تتراوح الذرائع بين من يعتبر أن هذه التصريحات ليست في توقيتها المناسب بسبب تدخل إيران كما يقولون في شؤون دول عربية عسكريا، كما هو الحال في سوريا، وبين من يعتبر أن تصريحات السنوار تخالف توجهات الأمة .

لهذه الدرجة؟!! نعم لأن الأمة نصبت هذا وذاك متحدثا باسمها، ليقول ما هو يخالف توجهها ومن هو معها، إن ما يخالف توجهات الأمة اليوم،هو الاصطفاف المذهبي والتحريض الطائفي، أن أكبر جريمة يقترفها من يسمون أنفسهم بالنخبة وخاصة تلك الإسلامية هي الخجل والخوف والجبن في مواجهة حلف آثم يتشكل بين دول خليجية وإسرائيل تحت عنوان مواجهة ايران. وليس كلمة حق لرجل مناضل محاصر في قطاع غزة، قالها بوجه حق أمام الله والشعوب العربية والتاريخ، إنه لشرف عظيم لإيران أو أية دولة أو جماعة أن تدعم حركة المقاومة الفلسطينية، ومن شيم أي حركة صادقة أن تتحالف مع من يقف معها ويؤمن سبيل صمودها، بل ويدفع الثمن كما تدفعه اليوم إيران جراء موقفها هذا .

في واقع الأمر الأخ السنوار بعفويته وصدقه وتواضعه كان يقول الحقيقة فقط. وهي حقيقة يعرفها حتى المنتقدون، ولكن لا يجب في مفهومهم أن يقولها. لأسباب لا يمكن أن نضعها إلا في إطار مذهبي طائفي ضيق ومقيت. فمن المستغرب أن يطلب بعض ممن يسمون أنفسهم نخبا إسلامية عدم قول الحقيقة وإخفائها عن الرأي العام العربي، لأن إيران شيعية فقط ولأنهم لا يروق لهم مساندتها لحليفها في دمشق أمام هجمة الجماعات المتطرفة صاحبة أيديولوجيا السبي وقطع الرؤوس، والتي كانت لو قدر لها أن ننتصر لأخذت سوريا لأسوء مصير ولحروب وانقسامات وإمارات تسفك دماء الشعب السوري و تشكل خطرا كارثيا على دول الجوار والمنطقة .

بتنا اليوم أكثر تصديقا لما يقال عن جناح في حركة حماس يعيش مترفا خارج قطاع غزة يخالف توجهات يحيى السنوار وإخوته في حركة حماس داخل القطاع، برغم أننا لا نحب ذلك، لأننا نرى قوة حماس ووحدتها ذخيرة إستراتيجية للشعب الفلسطيني كله، ولكن هوية المنصات وهوية المنتقدين للحقيقة التي تفوه بها السنوار بكامل تصميمه وليس زلة لسان كما يدعي البعض تشي بذلك وربما أكثر.

نحيي السنوار على صراحته، وجرأته وصدقه وعلى كل السياسيات الإصلاحية ومسار التصحيح الذي يقوده مع إخوته في قطاع غزة، ونرى بأنه يسير في الطريق الصحيح، وننصحه بعدم الاستماع للأصوات المترفة، أو العقول المغلقة على التحريض الطائفي الأعمى، فقد راينا ماذا قدموا، وكم العبث والدماء والدمار الذي اسهموا به في هذه الأمة التي يزعمون أنهم يتحدثون باسمها .

مصلحة حماس أن تقف مع من يدعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني أيا كان مذهبه أو هويته أو جنسيته، أو دينه، وأن تكون صادقة فيما تقول دون حرج أو خجل أو حسابات ضيقة، عليها أن تكون وتبقى في موقعها الأصيل الذي انطلقت منه وأن تزيل كل الأخطاء بشجاعة التي اعترت مسيرتها.

 إن سوريا اليوم دولة عربية أصيلة شعبها من يقرر مصيرها ومستقبلها، وليست دولة علوية كما تكتب الأقلام السوداء، وإيران جمهورية إسلامية جزء من هذا الشرق وتقف في وجه إسرائيل والسياسات الأمريكية الضالعة في إذلال هذه الأمة وليست دولة شيعية معادية للسنة،كما تقول أفواه الفتنه، وحزب الله الخطر الأكبر على إسرائيل، وقوة الردع التي تحمي لبنان الأصيل، وليست ميليشيا طائفية كما تصفه الصفحات الصفراء منصات التطبيع مع إسرائيل، وحركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية والعربية يجب أن تكون رديفا لهذه القوى الحية في أمتنا العربية والإسلامية مع كافة أحرار العالم .

صحيفة رأي اليوم