الفرد والمجتمع تأثير متبادل لتحقيق الإصلاح
علي آل غراش
قوة الفرد من قوة المجتمع، ومن علامات المجتمع القوي الحي؛ التحلي بالوعي والوحدة والحيوية واحترام التنوع والتعددية، والاهتمام والرعاية بشؤون الأفراد، والحرص على تربيتهم بشكل صحيح وسليم على الصلاح والإصلاح، بالإضافة للأخلاق العالية وحب العلم والمعرفة، والنشاط والحيوية والتعاون والمساعدة، والتمسك بالحق والحرية والتعددية، والدعم والتضامن مع النشطاء، ورفض الظلم والفساد والاستبداد.
الظواهر الإيجابية أو السلبية في المجتمع هي صناعة البيئة المحيطة التي يعيش فيها المرء (الذكر أو الأنثى)، ونتيجة تعامل وسلوك أفراد المجتمع.
الوحدة وتجاوز الاختلاف
الوحدة والاتحاد والقدرة على تجاوز الاختلافات والخلافات الإجتماعية بالتنازل المتبادل للحفاظ على الاتفاق ونبذ الفرقة والشقاق، واحترام النظام والقانون، والحرص على الإعمار والبناء واستقرار الأوضاع، وعلى تحسين الاقتصاد للجميع، والمطالبة بالحقوق والتضامن مع النشطاء الإصلاحيين ومع المظلومين .. هي علامات إيجابية في المجتمع القوي.
بينما اتساع الخلافات والاصطدام والتسقيط والتخلي عن دعم ومساندة المظلومين وعن النشطاء، وعدم الاهتمام بشؤون الأفراد، وانتشار الفساد والسرقة والجريمة، والطلاق والعنف والفقر والعوز، وسيطرة حالة الأنانية وحب الذات والسكوت ومجاملة ومساعدة الظالم ... هي علامات تدل على وجود خلل مدمر في المجتمع.
المجتمع ودوائر الاهتمام
المجتمع يتكون من دوائر، تحيط بالفرد وتتسع أكثر وأكثر، وكل دائرة مرتبطة بالأخرى، ووجود أي خلل في الدوائر وبالخصوص الأولى لأنها الأساس ينتج خللا في المجتمع ونشأة الأفراد بشكل غير سليم.
ولو كل فرد تعامل بمحبة واهتم بدائرته الإجتماعية القريبة (العائلة أولا) وحقق النجاح فهذا يعني أن نسبة بناء مجتمع واعي متماسك متضامن .. عالية جدا.
إن حصول الفرد على المحبة والاهتمام وقيامه بواجبه بالاهتمام بوالديه وأفراد أسرته: زوجته وأبنائه وبناته وأخوته وأقربائه وأصدقائه وجيرانه وأهل الحي والمنطقة الجغرافية المحيطة .. هذا يعني حصول أفراد المجتمع على الاهتمام والرعاية والنتيجة مجتمع قوي.
حيث إن الفقير هو ابن المجتمع وليس غريبا، والمقصر والفاشل والمخطيء والمذنب هم أبناء المجتمع، ربما البعض فشل لأنه لم يجد الاهتمام والرعاية في الدائرة الأولى أو الثانية وبالخصوص من الأهل والأقرباء أو وجد بيئة سيئة في المجتمع صنعت منه شخصا غير جيد.
رعاية المجتمع قوة واستقرار
مؤلم جدا أن تجد في الأسرة الواحدة فرد يعيش الغنى ويتفاخر به أمام سائر الناس بينما أخوانه أو أخواته يعيشون الفقر المدقع والحاجة، لا يملكون مسكنا ويفتقدون الاستقرار !!. أي أنه يعيش حالة الأنا وحب الذات، لا يفكر بأن الاهتمام بمن حوله من أهل وأقرباء هو قوة له ومصدر فخر وراحة له. وعندما يساهم في رفع المستوى المعيشي لمن حوله من أهل وأقرباء سيساهم حتما في استقرار الجميع العائلة والمجتمع وسيحد من وجود الأزمات والمشاكل الإجتماعية ونشأة البيئة السيئة التي تصنع أفرادا يرتكبون الأخطاء والاعتداء والجرائم، وسوف لن يحتاجوا إليه، ويسببوا له إزعاجا.
التعامل السلبي وانعكاساتها الإجتماعية
أما إذا سيطر على الأفراد حب الأنا والتخلي عن مسؤولية الاهتمام والرعاية للأهل والأقرباء والمجتمع، ومهما ملكوا من قوة مادية وجاه وسكنوا القصور ومن حولهم الحرس والخدم، فأنهم لن يرتاحوا بشكل حقيقي، لأن المجتمع غير مرتاح وغير مستقر، ولأنهم جزء من المجتمع، سيتأثرون بالواقع والحالة الإجتماعية السائدة، وحتما طريقة تعاملهم مع الناس بصورة سلبية سيكون لها آثارا سلبية وستساهم في صناعة جيل داخل المجتمع غير سوي. فيخرج جيلا محروما متمردا يريد الانتقام وإثبات وجوده بأي طريقة كانت ولو كانت ضد مصلحة المجتمع، وهذا يؤدي إلى مشاكل اجتماعية، وظهور سلبيات خطيرة في وسط المجتمع.
ما أجمل التعامل بمحبة وإظهار حالة الحب لأفراد العائلة والأقرباء، بالإضافة إلى الاهتمام والرعاية والتضامن والمساندة، وبالخصوص لمن يتعرض للظلم والقهر، وما أحوج المجتمع لذلك.
أضيف بتاريخ :2018/06/03