أميركا تتقاسم النفوذ في المنطقة
مصطفى الصراف
كان المخطط الأميركي الصهيوني هو الهيمنة الكاملة على منطقة الشرق الأوسط، وبصورة خاصة الدول النفطية والدول التي تقع فيها المعابر المائية كمرحلة أولى، ليمكنها ذلك من خنق الشرق الأقصى، لا سيما الصين وروسيا، ثم الوثوب عليها لاحتوائها وإعلان الحكومة العالمية للصهيونية الأميركية، أو ما تسمى الحكومة الخفية، ويبدو أن هذا الحلم قد تبخّر، بعد أن فشلت كل المحاولات الأميركية، وحلفاؤها من الأوروبيين، وبعض العرب في تحقيق ذلك.
ولكن نجحت أميركا في إسقاط نظام صدام حسين، وقد فشلت في احتلال العراق أو الحصول على قواعد مهمة فيه، وذلك بسبب عمليات المقاومة من قبل محور دول المقاومة والتصدي، سوريا وإيران، لجوارهما للعراق، بالإضافة إلى المقاومة العراقية، وكانت تلك المحاولة في ذات الوقت سببا في زرع قواعد في الدول النفطية الخليجية، فحققت أميركا بذلك مكسبا مهما، ولكن ينقصها إسقاط النظام الجمهوري في إيران لإعادة إيران تحت نفوذها كما كانت أيام الشاه، وبذلت شتى المحاولات، ولكنها جميعا باءت بالفشل؛ لأن إيران تحوّلت إلى دولة كبرى في المنطقة قادرة على التصدي لتلك المحاولات.
وقد فشلت أميركا أيضا في إسقاط النظام في سوريا، رغم تكريس كل طاقتها لذلك، وهو ما أوجد محورا لمواجهتها هي وحلفائها، ألا وهو محور سوريا وإيران وروسيا، والصين، وبهذا، فقد أصبحت المنطقة بكاملها عصيّة على أميركا ودخل معها شركاء لهم وجود فاعل في المنطقة، وهم روسيا وسوريا وإيران، وتركيا.
ولذلك، فإنه يمكن القول أن المشروع الأميركي الصهيوني قد سقط، وصارت أميركا اليوم تبحث عن وسائل وأوراق تجعلها تحتفظ بمكاسبها التي حصلت عليها، ألا وهي هيمنتها على بعض دول الخليج العربية، لما فيها من ثروة نفطية.
كما تبدّدت أحلام الكيان الصهيوني في أن تسود المنطقة وأن تحقق إسرائيل توسيع دولتها من النيل إلى الفرات، كما فشل ما سمي صفقة القرن، لأن قوى المقاومة في المنطقة قد اشتد عودها، وبدأت تحقق انتصارات عليها، وهي في تقدّم مستمر وتلقى تأييدا عالميا، مما جعل الكيان الإسرائيلي ينقل اجتماعات قادته تحت الأرض، وراحوا جريا يستنجدون بالاتحاد الروسي للحصول على هدنة مع المقاومة، بعد أن كانوا يهددونها بالويل والثبور ويرفعون عقيرتهم على كل دول المنطقة.
إن القادم من الأيام أو الشهور سيشهد توجها لقيام حوار رباعي بين أميركا وروسيا وإيران وتركيا لتقاسم النفوذ في المنطقة، لن يكون للعرب مكان فيه إذا استمرت حالة التبعية لأميركا كناطقة ووصية.. وسيكون على جدول المباحثات استعادة السيادة السورية على كامل أراضيها بما في ذلك الجولان، وضبط الحدود مع تركيا مع بقاء القواعد الروسية مقابل بقاء القواعد الأميركية في الخليج.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2018/06/06