الأحساء برائحة الدماء ( رسالة غضب )
علي ال غراش
شهدت الأحساء قبل أيام تفجير إرهابي تكفيري أستهدف مسجد الإمام الرضا (ع) في حي محاسن بمدينة المبرز سقط نحو 4 شهداء و20 من الجرحى، جريمة زادت من حجم الغضب الشعبي الشيعي من الفشل الحكومي وبالتحديد الجهات الأمنية (وزارة الداخلية) في منع تكرار وقوع هذه الحوادث الإجرامية المفجعة ضدهم، والتي تأتي بعد أيام من إعدام وقطع رأس أحد علماء الدين والرموز المؤثرة للشيعة داخل المملكة وخارجها الشهيد الشيخ نمر باقر النمر وعدد من الشهداء الشباب الأبرياء بتهمة التعبير عن الرأي.
فهذه الجريمة الإرهابية باستهداف المواقع الدينية للطائفية الشيعية في المنطقة ليست الأولى حيث شهدت بلدة الدالوة في الأحساء في ليلة العاشر من محرم عام 2014 أول عملية إرهابية تكفيرية حيث سقط عدد من الشهداء والجرحى، ثم تكررت العمليات الانتحارية والتفجيرات ضد الشيعة في القديح بالقطيف والعنود بالدمام والكوثر بسيهات ثم عادت إلى الأحساء في محاسن مؤخرا.
ورغم تعامل المستهدفون بالتفجير والقتل ( المكون الوطني الشيعي) بمسؤولية برفض اي ردة فعل أو فوضى، ورفض تدخل اي جهة خارجية في شؤونهم، وأثبتوا وطنيتهم وحبهم للوطن والسلم رغم استشهاد العشرات منهم وتكرار التفجيرات ضدهم، إلا ان حملات التكفير والإساءة والتجييش والشحن في مؤسسات الدولة ماتزال مستمرة!.
وكان من المفترض أن تقوم السلطة إذا كانت حريصة على الوطن والمواطنين بالمبادرة بمنع التكفير والإساءة والتجييش والشحن في مؤسسات الدولة ضد أتباع أهل البيت (ع) الشيعة، واعطائهم كامل الحقوق الوطنية، كشركاء في الوطن بلا ظلم ولا اعتداء ولا تهميش ولا تمييز.
لماذا السلطة وبالخصوص الداخلية ترفض منع ذلك (..) رغم كل التفجيرات والدماء والشهداء والجرحى والتوتر والمطالبات الدائمة قبل وبعد كل تفجير؟!.
عندما وقعت الجريمة الإرهابية على مسجد الإمام الرضا (ع) في محاسن بالأحساء، كان وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف في إجازة خارج الوطن، وبالتحديد في الجزائر رحلة صيد (بعد إرتكابه أعظم جريمة بسفك دماء بريئة وأزهاق أرواح مظلومة بإعدام الشهيد الشيخ النمر)، وبسبب إنتقاد وزارته وتحميله المسؤولية الكاملة عن وقوع جرائم التفجيرات، قطع اجازته واتجه إلى الأحساء مباشرة، وأهم ما قام به خلال الزيارة هو الحرص على إلتقاط صورة سلفي مع أحد الجرحى بطريقة مرتبة من قبلهم حسب موقع كاميرات التصوير لتغطية الحدث بالإضافة لاستغلال الشاب المصاب عبر السماح له بحمل جهاز تلفون ذكي والتصوير، وهذا يعتبر ممنوع في خلال الزيارات الحساسة لكبار المسؤولين؛ فكيف بزيارة ولي العهد!!.
وقد أراد الأمير من خلال تلك الصورة أرسال عدة رسائل لأثبات شخصيته وتحسين صورته منها: للعائلة الحاكمة التي تشهد صراع بين الأجنحة، ورسالة للإعلام الخارجي الذي وصفه بالقاتل وحمله مسؤولية إعدام الشهيد الشيخ النمر، ورسالة للمكون الشيعي.
هذه الزيارة هي الأولى للوزير إلى المنطقة ذات الكثافة الشيعية في المملكة بعد إعدام عدد من الشهداء من أتباع مدرسة أهل البيت (ع) ومنهم الرمز آية الله الشهيد الشيخ نمر باقر النمر، ظلما وجورا، (بسبب التعبير عن الرأي وإنتقاد السلطة الظالمة)، مما سبب حالة من الغضب الشعبي الشديد وموجة من المظاهرات المستنكرة وبالخصوص في الخارج، فيما لم يتمكن أكثرية المواطنين من التعبير عن الغضب بسبب الإعدام للشهيد النمر داخل المملكة بسبب تهديد وزير الداخلية بان كل من يتضامن ويتظاهر لتأييد الشهيد الشيخ النمر ستضربه بيد من حديد أي سيكون مصيره الإعتقال أو القتل.
لا يوجد أي خبر حاليا حول عن إنعقاد اي لقاء بين ولي العهد وزير الداخلية مع المواطنين الشيعة في ظل أجواء من التوتر والغضب، فالمكون الشيعي غاضب من سياسة السلطة ومنها إعدام الشهداء ومنهم الشهيد الشيخ النمر، حيث دماءهم لم تجف بعد وجثثهم الطاهرة لم تسلم للأهالي لدفنها، بل مازال وزير الداخلية يعتقلها، بالإضافة إلى استمرار الإعتقالات التعسفية للنشطاء السلميين إلى درجة اعتقال النساء وهذا تصعيد خطير.
وإذا لم يحدث اي لقاء بين وزير الداخلية وبين الشخصيات الشيعية في الأحساء كالعادة عند زيارة كبار المسؤولين بعد وقوع كل جريمة تكفيرية ارهابية، فهذا يدل على إتساع الفجوة وحجم الغضب لدى الشارع الشيعي.
المكون الشيعي غاضب لعدم قيام السلطة الحاكمة والمسؤولة عن إدارة الوطن والازمات بأي معالجة عما يتعرض له الشيعة من حملات في الوطن بل من مؤسسات الدولة الرسمية من تكفير وإساءة حيث يتم وصفهم بالمشركين في مناهج التدريس، واستمرار الخطاب التكفيري والتجييش في وسائل الإعلام وعلى المنابر الدينية. بالإضافة إلى غياب الحقوق ومنها العدالة والحرية والتعددية بشكل عملي على أرض الواقع، وتواصل الإعتداءات التكفيرية الإرهابية الإجرامية بنفس الطريقة على مساجدهم: الدالوة والقديح والعنود والكوثر وأخيرا محاسن ، وهو فشل يتحمل مسؤوليته وزير الداخلية مباشر.
من جهة أخرى يوجد غضب من جهة السلطة ضد القيادات الشيعية من عدم تأييدها العلني على تنفيذها حكم الإعدام بحق الشهداء الأبرار الأبرياء المظلومين مثل الشهيد الشيخ النمر كما يرى المكون الشيعي، وعدم اصدار بيان من النخب لدعم السلطة وشكرها على ذلك كما هي العادة. ( وبالمناسبة بعد تفجير مسجد الإمام الرضا (ع) في محاسن اصدر بعض علماء الأحساء بيانا يؤكد على دور الجهات الأمنية والسلطة ).
وزير الداخلية بحاجة للقاء مع الشخصيات الشيعية لأسباب عديدة منها : محاولة أمتصاص الغضب الشيعي بعد إعدام الشهيد الشيخ النمر وفتح خط علني، مستغلا جريمة تفجير مسجد الإمام الرضا (ع) في الأحساء، واستغلال حالة الخوف والقلق لديهم.
حاجة الوزير لايصال رسالة ترهيب وتخويف للمكون الوطني الشيعي وتخييرهم بين الواقع الموجود تحت السلطة الحاكمة رغم السلبيات والملاحظات (..) أو الفوضى والدمار والقتل للشيعة من قبل داعش المتعطشة للدم الشيعي، وذلك من باب التخويف.
الواقع مؤلم والمستقبل مظلم في ظل سياسة السلطة التي تتحكم بالبلاد والعباد على أساس انه ملك خاص، والتحديات الكبيرة التي يشهدها الوطن والمنطقة مع أستمرار الحرب على اليمن هذا من جهة، ومن جهة أخرى ان الشعب غاضب ومحتقن بسبب سياسة التهميش والحرمان من حق المشاركة لبناء وطن حضاري قائم على العدالة والحرية والتعددية تحت قوانين دستور يمثل الإرادة الشعبية.
البلاد بحاجة لمبادرة وطنية للإنتقال إلى وطن يمثل كافة المواطنين ليعيش الجميع في سلام وامان بعيدا عن التكفير والطائفية البغيضة والكراهية والإعتقالات التعسفية والقتل والإعدامات.
علي ال غراش
أضيف بتاريخ :2016/02/02