اليمن من “عاصفة الحزم” إلى “النصر الذهبي”!!
د. نبيل نايلي
“بدون واردات الغذاء، ستتدهور إحدى أسوأ أزمات التغذية في العالم، وبدون الوقود الضروري لضخ المياه ستتقلّص قدرة الناس على الحصول على مياه الشّرب بما قد يؤدّي إلى ظهور مزيد من حالات الإصابة بمرضي الكوليرا.” ريتا فور المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”.
بإسناد ودعم من تحالف السعودية، شنّ القوات الموالية لعبد ربه هادي هجوما على مدينة الحديدة غربي البلاد معرّضة ما تبقّى من البنى التحتية ومن لا يزال من المواطنين على قيد الحياة رغم ويلات الحرب والجوع والعطش والوباء والكوليرا لخطر جسيم. ما قد يفاقم وضعية فظيعة تحول دون وصول الغذاء والوقود والأدوية لليمنيين ويعمّق جراحات من يعانون أكبر أزمة إنسانية في العالم.
القوات “الحكومية” –شكر الله سعيها- أطلقت نداء إلى سكان المدينة “لأخذ الحيطة تزامنا مع انطلاق معركة “تحرير الحديدة” بعد أن وصلت قوات عبد ربه منصور هادي مشارف مطار الحديدة.
عملية “النصر الذهبي” بدأت بالفعل بعد انتهاء “المهلة” التي حدّدتها الإمارات للحوثيين، لــ”تسليم الميناء” الوحيد. قوات يمنية مدعومة من الإمارات ومؤلّفة من انفصاليين جنوبيين ووحدات محلّية من السّهل الساحلي للبحر الأحمر وكتيبة يقودها ابن أخي الرئيس السابق علي عبد الله صالح جنبا لجنب مع قوات إماراتية وسودانية هاجموا الميناء. ماذا يعني تقرير صحيفة”إنتلجنس“ الاستخباراتية الفرنسية، المفيد بأن الإمارات “وظّفت ضباطاً أمريكيين لتحسين أداء قواتها البرية التي تخوض الحرب في اليمن؟ وأن مؤسسة إماراتية تدعى شركة ”المعرفة الدولية“وظّفت أعضاء سابقين في البنتاغون لهذا الغرض”؟
ماذا يعني أن تكشف صحيفة “إنتلجنس” الاستخباراتية الفرنسية، “أن الإمارات وظفت ضبّاطا أمريكيين لتحسين أداء قواتها البرية التي تخوض الحرب في اليمن؟”.
و”أن مؤسسة إماراتية تدعى شركة “المعرفة الدولية” وظفت أعضاء سابقين في البنتاغون لهذا الغرض”؟
الهجوم على الحديدة يشكّل المرة الأولى التي يحاول فيها التحالف المدعوم من الغرب السيطرة على مدينة رئيسية محصنة جيدا بهدف حصار الحوثيين في صنعاء وقطع خطوط إمدادهم.
تقديرات الأمم المتحدة تشدّد على أنّ حوالي 600 ألف شخص يعيشون في المنطقة وأنّ الاشتباكات يمكن أن تسفر عن مقتل ما يصل إلى 250 ألف وعن قطع المساعدات والإمدادات الأخرى عن الملايين الذين يواجهون الجوع والمرض.
أما الحكومة المعترف بها دوليا فقد اكتفت في بيانها بالقول: إنّ “تحرير الميناء يمثّل بداية السقوط للحوثيين وسيؤمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وسيقطع أيادي إيران التي طالما أغرقت اليمن بالأسلحة التي تسفك بها دماء اليمنيين الزكية”.
من “عاصفة حزم” سلمان إلى “نصر” الإمارات “الذهبي” سيظلّ اليمنيون يقاومون الغزاة بعزة ونخوة وإباء رغم الفقر والجوع والأوبئة والكوارث الطبيعية.
يستخفّ “صنّاع القرار” في الإمارات بتخبّط السعوديين في اليمن وحربهم التي ناهزت اليوم على السنوات الثلاث دون تحقيق تقدم ميداني وحيد!
كما أنّ هذا الأنور قرقاش، واهم حين يعلّق “إن تحرير المدينة والميناء سيخلق واقعا جديدا ويعيد الحوثيين إلى طاولة المفاوضات”ّ!
أي واقع جديد؟ وأي طاولة مفاوضات؟ ثم منذ متى صارت الإمارات تتدخّل في الشؤون الداخلية لجيرانها؟ أم أن الثمن الإمارة المذهبة ستدفعه آجلا أم عاجلا؟
كيف يجرؤ الرئيس عبد ربه منصور هادي أن يدعو اليوم الجيش الوطني و”المقاومة الشعبية” وقوات تحالف السعودية إلى “الحسم العسكري”؟ هل يعي ما يقول وشاهد من منفاه معاناة اليمنيين ثم عن أيّ تنازلات يحدّثنا حين يقول: “قدّمنا الكثير من التنازلات لتجنّب الحلّ العسكري إلا أنّنا لا يمكننا أن نسمح باستغلال معاناة أبناء شعبنا وجعله رهينة لإطالة أمد هذه الحرب التي أشعلتها المليشيا الانقلابية”؟
هل تصمد “الميليشات” أمام قوات مدعومة أمريكيا وبريطانيا وغربيا؟
مارتن غريفيث مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن يشعر “بقلق عميق من التطورات العسكرية في الحديدة” ، داعيا إلى “ضبط النفس ومنح فرصة للسلام”. أي سلام سيد غريفيث واليمنيون يعانون الأمرين منذ 3 سنوات دون أن تهتزّ لهذه العالم “الحر” قصبة!
سيتحامل اليمنيون على أنفسهم ويتعافى اليمن رغم الدمار وويلات حرب الملهاة ويخيب من أراد بهم شرا و”وضع حربا بغير مكان الحرب وحيث الحرب تقلّد سيفا من الخشب”!
باحث في الفكر الاستراتيجي، جامعة باريس.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/06/15