الدول الفقيرة الإرهابية في قائمة ترامب
صلاح السقلدي
ينُظرُ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” إلى دول العالم والمنظمات الدولية بعين رجل الأعمال وبعقلية الـــ( Real Estate Tycoon) ويلوّح للجميع بآلته الحاسبة دوماً,وليس فقط بعين سياسية لدولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية. حيث يمثّــل المال بالنسبة له المعيار الأساسي بتعاطيه مع من حوله سواءً كدول أو ككيانات اعتبارية أو أشخاص ورجال أعمال ومستثمرين وشركات, فالمال عند ترمب وإدارته هو من يحيل الإرهابي الرجيم إلى ملاكٍ رحيم, وهو من يجعل الفقير والخصم السياسي إرهابيا غصبا عنه.!
الرئيس ترامب الذي أمسكَ قبل أقل من ثلاثة أشهر لائحة بقائمة أسعار سلعه العسكرية مِـــن( قنابل ذكية” وغبية” وطائرات وصواريخ وذخائر مختلفة وزوارق), كمندوب مبيعات ووضعها بين يديّ الزبون ” ولي عهد المملكة العربية السعودية”, هذه المملكة الثرية التي فرضَ عليها ترامب دفع جزء من ثرواته” جزية مالية سياسية نظير الحماية العسكرية الأمركية” كما يؤكد ذلك مراراً وعلى رؤوس الأشهاد وبصورة فجة ومهينة,هو ذاته الرئيس الذي أصدر قراره التنفيذي بقائمة لعدد من الدول الإسلامية والعربية” سوريا وإيران وليبيا والصومال واليمن
” بحُـــجة مكافحة الإرهاب,يمنع بموجبها مواطني هذه الدول من الدخول للأرضي الأمريكية, في واحدة من أوضح الصور العنصرية الأمريكية تجاه العرب والمسلمين منذ عقود.
هذه القائمة التي أستهدفها القرار “الترامبي العنصري” والذي صادقت عليه المحكمة الأمريكية العليا يوم الثلاثاء ليستْ قائمة إرهاب بقدر ما هي قائمة فقراء يشكل دخولهم إلى الأراضي الأمريكية عبئاً ثقيلاً على الخزانة الأمريكية -بحسب الاعتقاد الأمريكي الذي شكل صدمة للعالم الحُـــر والمنظمات الحقوقية المناهضة للعنصرية-,وضد خصوم سياسيين يتم إدراجهم بالقائمة بطريقة فاضحة وبخطوة نفاق سياسي متعري إرضاءً للدولة المدللة أمريكا “إسرائيل” وخطوة تكشف الإفلاس السياسي للإدارة الأمريكية حيال خصومها السياسيين الذين هم بالأصل ضحايا هذا الإرهاب ومقاوموه الحقيقيين, هذا الإرهاب الذي أنجبته دول الخليج وأرضعته ورعرعته من الشباب حتى المشيب إدارات البيت الأبيض منذ ثمانيات القرن الفارط…. فترامب لا يتردد في كشف فلسفته المالية التجارية الابتزازية الشرهة حيال دول العام المعادية والصديقة على السواء,كما لا يتورع باستخدام المال والنفط والشركات وحتى الجماعات الإرهابية ذاتها كسلاح سياسي ضد خصومه السياسيين بالشرق الأوسط, خصومته مع إيران وسورية وتركيع الشركات النفطية والاستثمارية والتجارية العالمية أنموذج لذلك.
خير دليل على أن هذه القائمة الترامبية بحق هذه الخمس الدول تم إعدادها لحسابات مالية وسياسية بحت لا علاقة لها بالأمن القومي الأمريكي بشيء ,هو أن القائمة لم تشمل المملكة السعودية التي جُـــل منفذي عملية تدمير برجي نيويورك في سبتمبر عام 2001م سعوديون, وهي المملكة التي لا تنفك الإدارات الأمريكية المتلاحقة من اتهامها برعاية الإرهاب وتفقيس فروخه في الداخل السعودي وتصديره لأصقاع الأرض,وعلى خلفية هذه القناعة الأمريكية أصدرت واشنطن قانونها الذي يتهم صراحة الرياض بالوقوف وراء هجمات نيويورك” قانون جاستا”. تم استبعاد مواطني السعودية من هذه قرار ترامب بخصوص القائمة الدول الخمس ,ليس تبرئة لها بل خشية من حرمان أمريكا من عائدات الزائر السعودي الدسم سواء مواطن أو رجال أعمال, فضلاً عن خشيته من تضرر المصالح الأمريكية بالداخل السعودي, صحيح أن السعودية لن تجرؤ على الوقوف بوجه الرغبة الأمريكية وتنتهج نهج مماثل للموقف العراقي إلا أن ترامب توقع تضرر مصالحه بهذه المملكة الثرية .
أضف إلى ذلك أن العراق كانت من ضمن هذه القائمة, ولكن لأن لديها حكومة تقيم وزنا لمواطنيها وتراعي مصالح بلدها قياسيا بالدول الأخرى كاليمن التي لم تنبس ببنت شفة في نقد هذا القرار أو حتى الاعتراض عليها بشكل غير مباشر, وبسبب هذا الموقف العراقي الذي هدد الإدارة الأمريكية بالمعاملة بالمثل وبمنع دخول مواطني الأمريكيين وشركاتهم إلى الأرض العراقي أضطر الرئيس التاجر إلى شطب العراق من القائمة برغم أنه أي العراق يمور ببحر من التنظيمات الإرهابية بل ويشكل بؤرة الإرهاب بالعالم بعد أن أرسلت عدد من دول الخليج وتركيا العناصر المتطرفة إليه والى سورية لحسابات سياسية صرفة. وكذلك كانت المصالح الأمريكية الاقتصادية والسياسية حاضرة باستبعاد مصر من القائمة برغم أن فيها الآلاف من العناصر الإرهابية في سيناء ويشكل دخولهم خطرا على الأمن القومي الأمريكي بحسب المبرر الأمريكي لهذا القائمة, والحال ينطبق على استبعاد باكستان من القائمة.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/06/28