أين هي الحقيقة الغائبة والأسباب!
عبدالله المزهر
وأنت تتجه لصلاة الجمعة فإن المنظر الأكثر استفزازا هو رؤية الحراسات الأمنية حول المساجد. والاستفزاز بالطبع ليس بسبب الحراسات نفسها، ولكن لأنك تنظر إلى رجال الأمن وأنت غير قادر على استيعاب فكرة أن أداء الصلاة في بلد مسلم يمكن أن يكون عملا لا يخلو من مخاطر أمنية، لأن مجرما ما في مكان ما أقنع غبيا سفيها أن المسجد دليل على كفر المسلمين، وأن المسافة بينه وبين الجنة هي ذات المسافة بين أصبعه وبين تفجير الحزام الناسف في نفسه وفي «المصلين»!
مسلمون يذهبون إلى صلاة الجمعة تحت حراسة مسلمين آخرين، خوفا من أن يهاجمهم أناس يرون أنهم غير مسلمين بما يكفي لاستمرارهم في الحياة، هذا المشهد السريالي يصلح ليكون أحد مشاهد أفلام الخيال العلمي، لكنه لم يعد كذلك وأصبح واقعا مستفزا.
ورغم عبثية هذا المنظر إلا أنه يحمل حقيقة لا بد أن يراها من في نفسه شك، حقيقة تقول بوضوح إنه لا يمكن أن يكون قتل إنسان في دار عبادة عملا يقرب من الله، وفاعله لا يمكن أن يكون على حق، ولا أن يكون طريقه هو الطريق الذي ارتضاه الله لعباده، لستَ في حاجة إلى أن تقرأ ولا أن تبحث ولا أن «تستفتي» لتعرف أن المتسبب في خلق هذا المشهد لا يمكن أن يكون إلا في «ضلال مبين»!
وعلى أي حال..
حين نؤمن بأن المرض خطير ومميت وأننا فعلا نريد الشفاء، فإننا سنتقبل العلاج المرّ ونتجرعه ونصبر عليه، لكن إن اعتبرنا الورم دليل «عافية» فسيقضي علينا ولن يمهلنا حتى نكتشف «أين هي الحقيقة الغائبة والأسباب»!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/02/05