وش اللي صحّى الأمانة؟!
أحمد عجب الزهراني
خلال الأيام العشرة الماضية، أكثر ما عانى منه أغلب أهالي مدينة جدة، هو بحثهم على امتداد الخط السريع المؤدي للأحياء الشمالية أو للمدينة المنورة، عن محطة بنزين فاتحة، كل المحطات التي يلجأون إليها لتزويد مركباتهم بالبنزين أو لشراء احتياجاتهم الغذائية، يجدونها مقفلة بالشمع الأحمر، بما فيها الورشة والسوبر ماركت والمطعم ومحلات القهوة وكذلك الصراف الآلي، لقد أصبحت كل محطة منها، أشبه ما تكون بذلك المريض الذي يرقد على السرير الأبيض كجثة هامدة بعد أن أراد الطبيب المعالج إجراء عملية تقويم انحراف بسيط بالعمود الفقري لكن خبرته المهنية خانته فارتكب خطأ طبيا جسيما أدى إلى إصابة المريض بشلل رباعي كامل أقعده بقية أيام حياته!
تعودنا دائما الحديث عن إهمال وتراخي بعض من المؤسسات العامة والجهات الحكومية في تطبيق اللوائح والأنظمة المرعية الأمر الذي أدى إلى خلق حالة من الفوضى وعدم الانضباط في شتى نواحي الحياة، لكننا اليوم أمام واحدة من الحالات العكسية التي اتخذ فيها إجراء صارم بداعي النظام، ومع هذا نجد النتائج والتبعات المترتبة عليه أكثر سوءا، والإجراء هو قيام أمانة مدينة جدة بإقفال 151 محطة بنزين دفعة واحدة، مبررة ذلك بانتهاء المهلة التصحيحية البالغة سنتين والممنوحة لمحطات الطرق من أجل تصحيح أوضاعها وتنفيذ الاشتراطات المطلوبة كتجهيز وسائل السلامة ومكافحة الحريق والعناية بالنظافة وتوفير مصليين للرجال والنساء مع دورات مياه ومراعاة متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة.
مستثمرو محطات البنزين من جهتهم، رفضوا هذا التبرير، مؤكدين في الوقت ذاته أنهم نفذوا الاشتراطات المطلوبة كافة وأن السبب وراء إقفال محطاتهم يعود لعزم الأمانة تسليم تلك المحطات للشركات الخمس التي تم اختيارها للتشغيل والصيانة، متسائلين في الوقت ذاته: إذا كانت الأمانة لديها النية مسبقا بتسليمها للشركات المحددة، فلماذا يطلب منا عمل الاشتراطات وخلافه، ولماذا تمت الموافقة على تجديد رخصنا النظامية، هل طلب منا ذلك لتأتي الشركات المختارة وتجد المحطات جاهزة للتشغيل؟! وما هي الغاية من سحبها منا وتسليمها لشركات أخرى بعضها لا توجد في سابقة أعمالها سوى تشغيل محطة صغيرة بخط الرياض رائحة مرافقها العفنة تزكم الأنوف من على بعد كيلو مترات!!
المشكلة التي نعاني منها أن بعض الجهات تنام طويلا ثم تأتي وتقوم بكل فضاضة ونفس شينة لتصحح ما تعتقد بأنه خطأ هكذا دفعة واحدة قبل أن يغلبها النعاس وتستسلم للنوم مرة أخرى وتعود الأمور إلى ما كانت عليه، لقد بعثرت الأمانة بإجرائها المتعسف هذا راحة المسافرين على هذا الطريق، كما أنها أضاعت حقوق المستأجرين للمحلات التجارية الذين تكدست بضائعهم وتعرضت للتلف مع أنهم غير معنيين بتوفير الاشتراطات وعقودهم يفترض أن تظل سارية حتى مع المستثمرين الجدد، الأمانة أيضا، لم تراع أن هذا الطريق يربط بين أعظم بقعتين على وجه البسيطة، ولا أدري ما هو الانطباع الذي استشفه المعتمرون وزوار المسجد النبوي وهم يرون محطات أشبه بمدن الأشباح تفتقد لكافة الخدمات الحيوية، وليس مجرد اشتراطات روتينية كان يمكن لمساح البلدية أن يقف عليها لساعات حتى يتأكد من تنفيذها، وإلى جانب الأسئلة المنطقية للمستثمرين المتضررين أود أن أسألكم متثائبا: إلا وش اللي صحى الأمانة؟!
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2016/02/05