الأجهزة الأمنية #السعودية في خدمة من؟
#علي_ال_غراش
الوطن لجميع المواطنين، ومؤسسات الدولة ملك للشعب وفي خدمته، وليس ملك لعائلة حاكمة أو لحزب. فالوطن أهم وأعظم من السلطة الحاكمة (عائلة أو حزب) التي ينبغي أن تكون في خدمة الشعب القادر على محاسبتها وإسقاطها في أي لحظة، وحتما للأجهزة الأمنية الواعية الوطنية دور مؤثر بوقوفها ومساندتها للإرادة الشعبية، وهذا طبيعي لأنهم من الشعب، وفي خدمة الشعب.
في البداية لابد من التأكيد على أهمية الأمن في دولة القانون والنظام واحترام إرادة الشعب والتعددية والتنوع لكافة المواطنين، وأن تكون أجهزة الدولة وبالخصوص الأمنية في خدمة الشعب وحمايته.
في الدول المحترمة الحضارية التي تحكم باسم الشعب، وبحسب دستور شعبي يحدد حقوق وواجبات الحاكم والمحكوم، تكون الأجهزة الحكومية في خدمة الشعب - وبالخصوص الأمنية -، وكنا نتمنى أن يتحقق ذلك على أرض الواقع كحقيقة في بلداننا؛ ونشاهد التعاون الحقيقي والثقة بين أفراد الشعب المدنيين من جهة وأفراد المؤسسة العسكرية من جهة أخرى، للمساهمة في بناء وطن للجميع، وطن حضاري تحترم فيه حقوق الإنسان.
"الفساد في أجهزة الدولة ومنها الأمنية"
للأسف الشديد فأن الواقع عكس ذلك، لأن المؤسسة الأمنية بأنواعها مثل بقية مؤسسات السلطة - ومنها القضاء - في خدمة الحاكم فقط، فالمؤسسة الأمنية من خلال سياستها وتعامل بعض رجالها، تؤكد أنها مؤسسة بعيدة عن رسالة تحقيق الأمن والأمان، وهناك دراسة صادرة من المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية عنوانها: مقياس قطاع الأمن العربي وتوجهات المواطنين 2015. قد أشار إليها الكاتب أ. جعفر الشايب في مقال له بـ عنوان " الأمن وتوجهات المواطنين" جاء فيها: « توضح الدراسة أن نصف الجمهور لا يثق بالقطاع الأمني وليس راضيا عن أدائه، .. والاعتقاد بانتشار الفساد في الأجهزة الأمنية وضعف الإطلاع والمعرفة باختصاص ومهام مختلف الأجهزة، .. وأن الانتماءات السياسية والطائفية للمواطنين لها علاقة قوية جدا في الشعور بتوفر الأمن؛ فالمواطنون المنتمون لأحزاب أو طوائف تقف خارج الحكم يشعرون بغياب الأمن أكبر من المنتمين لأحزاب أو طوائف حاكمة. الدراسة تؤكد على الأهمية الملحّة للإسراع في إصلاح القطاع الأمني ...، والمساءلة ومكافحة الفساد ويحترم حقوق الإنسان ويحدد مهام ومسؤوليات أجهزة الأمن وتسلسلها القيادي».
"تجاوزات الأجهزة الأمنية"
ارتكاب بعض أفراد الأجهزة الأمنية جرائم فظيعة جدا تتنافى مع رسالة رجل الأمن، بحق المواطنين والمقيمين، أمر غير مخفي على الجميع فهو موثق بمقاطع التصوير على مستوى الوطن العربي، وقد اندلعت شرارة الربيع الوطني، بسبب اعتداء شرطية تونسية على المواطن بوعزيزي الذي أحرق نفسه، بل المثير والغريب أن يلجأ بعض أفراد رجال الأمن، كفرقة صقور نايف في السعودية إلى استخدام مدرعة رسمية لأغراض غير أخلاقية والاعتداء على الأعراض والتلفظ بكلام طائفي بغيض والإساءة للنساء والنيل من سمعتهن ومجتمعهن، وهذه التصرفات للحادثة الإجرامية المؤلمة موثقة ومسجلة بالصوت والصورة، ويمكن الإطلاع عليه عبر الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?v=QNqUVOKnzc0 .
وهناك الكثير من الحوادث والاعتداءات والجرائم لرجال الأمن على المواطنين، واستغلال الوظيفة والسلطة الأمنية، كما أن مراكز الشرطة قد تحولت إلى مسالخ للتعذيب الوحشي والإصابة بالإعاقة الدائمة والقتل لمواطنين أبرياء أثناء التحقيق - كما حدث مع : مكي العريض و محمد الحساوي و حبيب الشويخات و نزار المحسن وغيرهم الكثير - ، ومازال مسلسل الاعتقالات التعسفية والتعذيب و القتل مستمرا في مراكز الشرطة والسجون على أيدي رجال الأمن لمعتقلين لم يعتدوا على أحد، و للأسف لا يوجد من يحاسب المعتدين والمجرمين من رجال الأمن!.
"رجال الأمن في خدمة من؟"
الاعتداءات الوحشية من أفراد الأجهزة الأمنية على كل من تظاهر للمطالبة بالإصلاح والتغيير ولو بشكل سلمي، واضحة .. هذه جرائم مرصودة بالصوت والصورة، وما يحدث بعيدا عن الكاميرا أعظم وأدهى!!.
الدور الطبيعي لرجل الأمن يجب أن يكون في خدمة الشعب، وأن يبذل كل ما يستطيع لتقديم المساعدة للمواطنين والمقيمين، لينعم مجتمعه ووطنه بالأمن والأمان، فهو يستلم راتبا من ثروة الشعب، على أن يقوم بمهمته لخدمة الشعب بشكل صحيح وحسب القانون، بلا إهانة وإذلال وتمييز ومزاجية كما يحدث عند نقاط التفتيش، وانتقام وكراهية وبنفس طائفي بغيض!!.
الفجوة بين المجتمع المدني والمؤسسة الأمنية بالخصوص في الوطن والدول العربية واضحة للعيان، بسبب سياسة تلك المؤسسة التي تحولت إلى مصدر إرهاب وتخويف للشعب، - من جلد واعتقال وسجن للنشطاء السلميين الإصلاحيين - ، وجهاز لحماية الظلم والفساد والمفسدين ومن يستغلون السلطة في الوطن.
وإزدادت الفجوة بسبب لجوء بعض الأنظمة إلى جلب جنود من الخارج للدفاع عن نظامهم ضد الشعب كما يفعل النظام في البحرين وغيره، بالإضافة إلى سوء تعامل وتصرفات أفراد المؤسسة الأمنية، البعيدة عن الأخلاق والتعامل الإنساني والوطني وخدمة ومساعدة الشعب، بل تخدم مصلحة العوائل والأحزاب والتيارات الحاكمة.
"تحية لرجال الأمن المخلصين"
الأمن الحقيقي يتحقق بحصول أفراد المجتمع على حقوقهم في ظل القانون وتطبيق العدالة والحرية والكرامة من دون قهر، فهذه تؤدي إلى تحقيق الأمن الإجتماعي الحقيقي، وعبر تعاون أفراد الشعب كروح واحدة وإصلاح العلاقة بين المؤسسة العسكرية من جهة وبقية المواطنين المدنيين من جهة أخرى، وبسواعد رجال الأمن المخلصين من أبناء الوطن.
تحية لكل مواطن مخلص لوطنه مدني أو عسكري يرفض الظلم والفساد والاعتداء على كرامة وحرية الأخرين. وتحية لكل رجل أمن مخلص لوطنه وشعبه، يعمل بلا طائفية ولا استغلال للوظيفة ولا انتقام شخصي ولا لخدمة كبار المفسدين في المؤسسة الأمنية والسلطة.
وتحية لكل شخص يعمل من أجل التأكيد على أهمية تطبيق مبدأ العدالة والمساءلة والمحاكمة للمعتدين والمقصرين والمستهترين، وبالخصوص من يعمل في الجهات الحكومية ومنها الأمنية للكبير قبل الصغير.
سنبقى مع الإصلاح والعدالة والمحاسبة، وبناء دولة القانون والمؤسسات حسب دستور يمثل الإرادة الشعبية، وطن لجميع المواطنين لا لعائلة حاكمة مستبدة، والأجهزة الأمنية في خدمة الشعب لا لخدمة الحاكم وعائلته الفاسدة.
أضيف بتاريخ :2018/07/23