آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله الغنام
عن الكاتب :
كاتب سعودي

سر انتحار الأطفال!

 

عبدالله الغنام

مأساة غريبة ومؤلمة بدأت تطفو مؤخرا أكثر من مرة على السطح، وقد تلقفتها الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي. ونحن نتفاجأ بها كلما غفلنا عنها ألا وهي قضية انتحار بعض الأطفال بسبب الألعاب الإلكترونية.

في زماننا (زمن الأتاري ATARI) كان آباؤنا يخشون علينا من تأثير الألعاب الإلكترونية وقد كانت في بداية نشأتها ولم تكن بذلك العنف، فكيف لو شاهدوا الألعاب الحالية وتأثيرها القوي فكريا وسلوكيا على الأطفال والمراهقين؟. وهل يخبئ المستقبل ما هو أشد وطأة وتأثيرا؟.

منذ فترة والخبراء النفسيون والتربويون يحذرون من سلبيات تلك النوعية من الألعاب، وحتى الدراسات والإحصائيات تؤكدها. وبالنسبة للأطفال اعتقد أن الجيل الحالي نشأ على الجوالات والكمبيوترات الكفية ولابد أن لها تأثيرا سيكولوجيا عليهم. بالإضافة إلى أن نوعية الألعاب أصبحت أكثر اندماجا وبتقنيات عالية تحاكي الواقع، فهل أدى ذلك إلى التشويش الذهني لديهم بالخلط بين الواقع والخيال؟!

من ناحية الآباء والأمهات عليهم من الآن وصاعدا، خصوصا بعد وقوع تلك الحوادث المؤلمة، التأكد من الألعاب الإلكترونية والأجهزة اللوحية بشكل دوري. وأيضا التنبه فورا لأعراض مثل: الاكتئاب أو العصبية المتكررة غير الطبيعية عند التوقف عن استخدام الألعاب والأجهزة الإلكترونية. وكذلك عند زيادة العزلة الاجتماعية، والسلوكيات العدوانية والعنيفة الخارجة عن المألوف وغيرها من الشواهد.

وأما على مستوى الأسرة، فليس مقبولا الانعزال في غرفهم والعيش بعيدا عن الأجواء المنزلية. ولذلك أقترح عند ممارسة الألعاب الإلكترونية وما شابهها أن يكون في غرف المعيشة تحت ناظر الجميع وليس في غرفهم الخاصة وهم وحيدون ومنعزلون.

من الاقتراحات إعطاء الأبناء دورا من المسؤولية في البيت مثل: المشاركة في ترتيب غرفهم، والمساهمة في إعداد الوجبات، وفي قضاء بعض الحاجيات، فقد بعث الرسول عليه الصلاة السلام أنس بن مالك -رضي الله عنه- وهو غلام في حاجة لقضائها. والبعد عن الاعتماد الكلي على العاملة المنزلية أو السائق لأنه يورث الملل والكسل. ومسألة أخرى مهمة وهي أنه ليس كل ما يطلبه الطفل أو المراهق من جهاز أو لعبة يلبى مباشرة بدون انتظار أو نقاش أو جهد ونجاح لأن ذلك سيساعد على أن تصبح حياته ناعمة وتافهة.

وأما عن دور المدارس لمرحلة الأطفال والمراهقين، فعليهم زيادة جرعة توعية الأطفال لخطر مثل تلك الألعاب، وتوجيهم بالتحدث عنها في الفصول على شكل محادثات ونقاشات فيما بينهم ليعبر الطفل والمراهق عما يخفيه في خلده.

ومن الضروري قبل شراء أي لعبة إلكترونية أو أسطوانة القرص المضغوط (CD) التأكد أنها مناسبة لعمر الطفل والمراهق. ولا يعقل أن الأب أو الأم يرى طفله الصغير يلعب ولا يكلف نفسه البحث على النت عن نوعية اللعبة أو قراءة العمر المناسب المكتوب على الأشرطة.

يقول آينشتاين: «لا يمكننا حل مشكلة ما باستخدام نفس العقلية التي أنشأتها»، وببساطة لنفكر ليس فقط بتقييد وتقنيين استخدام الألعاب الإلكترونية، بل أيضا البحث عن البدائل الممكنة، وصحيح أن المهمة ليست سهلة، ولكن أبناءنا يستحقون منا أن نحاول ونحاول، قبل أن نُفجع ونرى التأثير الجسدي أو السلوكي على الأطفال والمراهقين، فقد سبقه صراع نفسي لم نرعه اهتمامنا أو للأسف لم نلاحظه البتة!

صحيفة اليوم

أضيف بتاريخ :2018/07/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد