فعلا.. الدولة ليست جمعية خيرية!
عبدالله المزهر
حاولت أن أجد مواطنا واحدا مقتنعا بدور مجلس الشورى، والحقيقة أني فشلت في ذلك فشلا ذريعا، لدرجة أني شعرت - لشدة فشلي - أني عضو في هذا المجلس الموقر، فقررت البحث عن مواطن مقتنع بوجود دور لمجلس الشورى من الأساس، أي دور مهما كان صغيرا حتى ولو كان دورا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، والحقيقة أني فشلت للمرة الثانية على التوالي.
وقد تكون لهذا المجلس ـ الموقر طبعا ـ أدوار عظيمة ومهمات جسام، لكن المشكلة أن الناس لا يرونها ولا يشعرون بها، وقد يكون سبب ذلك أن الناس جميعا قد تبلد إحساسهم وهذا سبب لا تنقصه الوجاهة.
في الأيام الماضية ناقش المجلس ـ الموقر طبعا ـ تعديل أنظمة التقاعد بإضافة مادة تتعلق بالعلاوة السنوية، قدمها عدد من أعضاء المجلس السابقين، وكان من أجمل المداخلات من أعضاء المجلس اللاحقين هو ما قاله أحد الأعضاء ـ الموقرين بطبيعة الحال ـ عن أن الدولة ليست جمعية خيرية. وكلامه صحيح ووجيه وحتى لو لم يكن كذلك فإنه حر في قول ما يشاء تحت قبة المجلس ـ الموقر كما تعرفون ـ والنظام يكفل له ذلك بالطبع.
ولعل هذه المداخلة التاريخية هي من المرات النادرة التي يتفق فيها المواطنون مع أعضاء مجلس الشورى اتفاقا تاما، فالناس أيضا على قناعة بأن الدولة ليست جمعية خيرية وهذا السبب تحديدا هو الذي يدفع كثيرا من المواطنين إلى المطالبة بإلغاء مجلس الشورى.
وعلى أي حال..
المترفون الذين يستظلون بقبة المجلس، والذين لا يعرف المواطنون أغلبهم من قبل، ولا يسمعون بهم إلا بعد مداخلاتهم المستفزة، يمثلون أنفسهم، ولهم الحق في قول ما يريدون وقتما يريدون، لكنهم سيكونون أكثر إقناعا وهم يتحدثون عن مطالباتهم الخاصة وامتيازاتهم وتسمية الشوارع بأسمائهم، فهذا أمر أقرب إلى مداركهم من مطالبات العامة والدهماء من المتقاعدين والكادحين في الأرض!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2016/02/10