وتبقى #عاشوراء ثورة ولوعة لـ #الحسين رغم الاستهداف
علي آل غراش
شهر محرم الحرام له أجواء خاصة تتسم بالحزن والدم الممزوج بالبطولة والكرامة والشموخ والتضحية. وقبل بزوغ هلال الشهر تتوشح الكثير من مدن العالم بالسواد، ويستعد عشاق النبي الأعظم (ص) وأهل بيته (ع) لإحياء مصيبة عاشوراء والذكرى الأليمة والمفجعة لمقتل سبطه الإمام الحسين وأهل بيته بطريقة وحشية في كربلاء في سنة 61 للهجرة، لهذا فانّ محرم هو شهر الحُزن والمصيبة والحرقة عند أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم. وعن الإمام الرّضا (عليه السلام) قال : "كَانَ أَبِي صلوات الله عليه إِذَا دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَم يُرَ ضَاحِكاً، وَكَانَتِ كَآبَتهُ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، فَإِذَا كَانَ اليَوْمُ الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِهِ، وَ يَقُولُ هذا الْيَوْمُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السلام".
*محاربة أجواء ثورة عاشوراء*
لقد عملت الماكينات الإعلامية وكل مؤسسات السلطات عند بني أمية والحكومات التي بعدها لغاية اليوم على اختلاق كل ما يبعد الناس عن إحياء ثورة الإمام الحسين في يوم عاشوراء، وإظهار الحزن على مقتله، فقالوا: إن شهر محرم الذي أصبح هو الشهر الأول لبداية السنة الهجرية في عام 16 للهجرة، هو يوم فرح بهجرة النبي (ص) من مكة إلى المدينة المنورة، وهذا يخالف الحقيقة وما وثقته كتب السيرة بأن الهجرة النبوية المباركة وقعت في اليوم الأول من شهر ربيع الأول حسب المراجع التاريخية عند الجميع بلا اختلاف، وللأسف هناك دول وشخصيات تحاول بإصرار لإظهار الأجواء الاحتفالية لاستقبال السنة في اليوم الأول من شهر محرم؛ بحجة الفرح بالهجرة النبوية رغم عدم صحتها، ونتطلع لإقامة الاحتفالات العالمية بمناسبة الهجرة في موعدها الصحيح منذ بداية شهر ربيع الأول.
وقالوا: إن يوم عاشوراء يوم فرح وبركة بإنقاذ الأنبياء. وهذا كلام غير ثابت ولم يكن معروفا قبل مقتل الإمام الحسين يوم عاشوراء.
ولا يوجد قبل مصرع الإمام الحسين شيء باسم عاشوراء في محرم، وإنما ارتبط الاسم وأخذ شهرة بسبب المجزرة في كربلاء ومقتل الإمام الحسين في يوم العاشر من محرم. وقد تم وضع روايات وقصص (وضعية) بعد مقتل الإمام الحسين -عليه السلام- من قبل قتلة وأعداء سيد الشهداء الإمام الحسين - يمكن للمهتم الإطلاع على الكتب التي تحقق في تلك الروايات للوصول للحقيقة-.
*كلام حول صوم عاشوراء المفجعة*
إذا كان الصوم في يوم عاشوراء من باب التضامن والمواساة مع جوع وعطش الإمام الحسين - عليه السلام - وعياله ونسائه الذين هم يمثلون بيت النبوة بشرط إظهار علامات الحزن وأن ينتهي الصوم في العصر وعدم الاستمرار إلى وقت المغرب فهو عمل محبب ومستحب، وهو أفضل من صوم الكامل لهذا اليوم وذلك لما حدث في هذا اليوم من أحداث مؤلمة ومحزنة على آل بيت النبي (ص) ولو قال البعض هناك مناسبة مفرحة وبركة!. فكيف يفرح ويتبارك المرء بيوم يمثل يوم مصيبة وحزن وكآبة لسيد الخلق الرسول الأعظم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- بقتل حفيده وقتل أولاده وأصحابه بطريقة بشعة؟.
فالنبي ص يقول عن مقتل سبطه الحسين: (إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً).
ومن الطبيعي أن يتضامن المرء مع من يحب، وبالتالي من المفترض على من يدعي محبة النبي (ص) بالوقوف معه (ص) في مصيبة ريحانته وسبطه وأهل بيته في يوم عاشوراء المفجعة والمؤلمة.
وهناك كلام وآراء حول ما ينشر وينقل عن صوم يوم عاشوراء للبركة لأنها غير ثابتة وتخالف الوقائع التاريخية وتصادم الروايات، التي تارة تقول إن النبي لم يعرف عن صوم عاشوراء إلا بعد رؤية يهود المدينة يقومون بذلك، وهذا الأمر مستبعد، بأن يكون اليهود اعرف واعلم من النبي ولو كان صحيحا لوجدنا اليهود يفتخرون بذلك لغاية اليوم بأنهم أعلم للنيل من الرسول (ص) وهذا لم يحدث، وغير ذلك من ملاحظات على بقية الروايات في ظل عدم وجود أي راوية قوية متفق عليها تثبت قيام النبي (ص) أو الجيل الأول من الصحابة بهذا العمل فهم أولى بالقيام به، ولكن المؤكد والثابت للجميع هو حدوث جريمة شنيعة ومجزرة وحشية ضد عائلة حبيب الله نبينا العظيم (ص) في يوم عاشوراء، ومن يريد الأجر الثابت أن يتضامن ويقف مع النبي (ص) في هذا المصاب المحزن الجلل.
*عاشوراء الحسين تنتصر بدمه وتضحياته*
لقد بذل أعداء الحياة والحرية قتلة الحسين - عليه السلام - جهودا كبيرة للتهرب من دم الحسين بقولهم تارة بأنه قتل بسيف جده، وتارة أخرى أنه خرج على الحاكم ولي الأمر (يقصدون الحاكم الفاسق الفاسد قاتل النفس وهو يزيد). كما انهم حاربوا كل من يدافع أو يبكي أو يحيا نهضة ثورة عاشوراء ومقتل الحسين -عليه السلام-، أو يظهر مظاهر الحزن منذ دخول شهر محرم ويجعل عاشوراء يوم مصيبة وفجيعة، وكتب التاريخ سطرت بعض الجرائم الوحشية التي استهدفت عشاق الحسين (ع).
ورغم كل محاولات الاستهداف والمنع بإحياء ثورة عاشوراء الحسين وملاحقة عشاقه، فجميع المحاولات فشلت فشلا ذريعا رغم القوة العسكرية والقمعية والإعلام لتلك الدول التي لديها إمكانات هائلة، فظلت عاشوراء الإمام الحسين عنوان البطولة والإباء والشموخ والعزة والكرامة والثورة ومقاومة الظلم والاستبداد والفساد ونصرة المظلوم، واستمرت أجواء الحزن هي المسيطرة منذ بداية شهر محرم لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين - عليه السلام-. وللتنبيه؛ أن الطبيعة البشرية تتأثر أكثر بمواقف الحزن، ولو اجتمع حدثان في يوم واحد، الحزن والفرح، فالغلبة تكون للحزن.
ولهذا وكما قلنا من الطبيعي أن يقف ويتضامن العقلاء والأحرار والشرفاء مع رسول الله (ص) في مصيبة حفيده وأهل بيته في عاشوراء، وليس مع أي مناسبة يقال أنها مفرحة إذا ثبت وجودها.
*التضامن مع رسول الله(ص)*
لهذا على من يقول بمحبة النبي (ص) وأهل بيته أن يتضامن معهم ويشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، وحتما عاشوراء ذكرى حزينة لهم، حيث كانوا منذ دخول شهر محرم يجددون إحياء الذكرى بالحزن، وقمة الحزن والمصيبة تكون في يوم عاشوراء.
فكيف لإنسان عاقل أن يفرح ويظهر علامات البهجة والسرور في أيام يكون فيه رسول الله (ص) وأهل بيته في حزن كبير؟. بما جرى على حفيده وسبطه وهو الإمام الحسين، وعلى بنات النبي الأكرم من اعتداءات وحشية: قتل ونحر وقطع رؤوس وحرق خيام وأخذ حرائر أهل البيت أسرى إلى الكوفة ثم الشام؟؟؟.
الشرفاء والأحرار يقفون مع الحق ومع سادة الحق والعدل والشرف، وحتما لا يوجد أشرف من الرسول الأعظم محمد (ص) وأهل بيته الكرام، هم سادة الخلق، وثورة الإمام الحسين الإصلاحية عاشوراء هي امتداد لرسالة جده الأعظم (ص) لأنها ذات قيم ومبادئ رسالية سامية.
ومن يريد إتباع الحق وأهله أن يطلع على المعلومات من مصادر ثقة ومتنوعة ويقرأ أكثر، ويكون له رأي وتحليل، كي لا ينخدع بما تروج له الماكينات الإعلامية للدول التي تقف مع قتلة الحسين وأعداء أهل البيت - عليهم السلام - وأعداء الإصلاح والحرية.
*راية الحسين ترفرف في أنحاء العالم*
ومهما يفعل الحكام الظلمة القتلة أهل الاستبداد والفساد، أعداء الحق والعدل والرسالات السماوية والقيم الإنسانية وأعداء الإصلاح والحرية من محاربة واستهداف ومنع إحياء عاشوراء وطمس ذكر أعظم ثائر في التاريخ الذي ثار لأجل الإصلاح وهو الإمام الحسين بطل أعظم ثورة في تاريخ البشرية وهي ثورة عاشوراء، فالواقع يؤكد أن مبادئ نهضة ثورة الإمام الحسين في عاشوراء تتجذر وتنتشر أكثر في كل عام بل كل يوم، وهذه راية الإمام الحسين - عليه السلام - ترتفع خفاقة في أنحاء العالم يا حسين.
ومن يريد تفاصيل أكثر ليراجع كتب السيرة والتحقيق الصحيحة من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام).
تقبل الله طاعاتكم بحق النبي محمد وآله الطيبين الطاهرين وببركة الحسين الشهيد عليه السلام. وعظّم الله أجورنا وأجوركم وأحسن لنا ولكم العزاء. ونسأل الله تعالى بحق الحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه أن يمن على الجميع بالخير والبركة والشفاء للمرضى والإفراج العاجل عن كل معتقل وسجين مظلوم -رجال ونساء-، وأن يرحم الشهداء الأبرار وان يلهم أهلهم الصبر والسلوان. السلام عليك يا أبا الأحرار يا سيد الشهداء . "الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة".
لصالح مدونة الكاتب ’’علي آل غراش’’
أضيف بتاريخ :2018/09/20