تطوير وتحديث المناهج
خالد أحمد الطراح
جرت العادة تقليدياً أن يتم إعداد المناهج التعليمية من منظور تربوي وتعليمي بحت، وهو شأن علمي سليم، إلا إن المستجدات والمتغيرات السياسية والتحديات الثقافية والاجتماعية جعلت عملية التحديث والتطوير للمناهج أمراً حتمياً لا يحتمل التأخير.
من الخطأ أن يتم اليوم النظر إلى المناهج التعليمية على أنها عمل فني وتعليمي فقط، حيث أن المناهج أصبحت ميداناً خصباً لصب أفكار ربما يكون بعضها يتسم بالتطرف والشعوبية والتمييز بكل أشكاله، وربما البعض الآخر يصب في مصلحة الوحدة الوطنية والاعتدال الفكري وإعداد أجيال واعية ومستنيرة.
تحديات اليوم مختلفة وخطرة للغاية، وهو ما يستوجب التعاون مع جهات الاختصاص المحلية وكذلك الدولية من أجل صياغة جديدة للمناهج من منظور متطلبات المواجهة والمعالجة؛ لما تشهده ساحة الكويت والمحيط الإقليمي والساحة الدولية أيضاً من انقسامات مجتمعية وطائفية وتطرف مدمر ممكن أن يقضي على أجيال اليوم والمستقبل.
علينا أن نعترف بان ما نشاهد من انحراف، خصوصاً لدى فئة الشباب، ليس وليد ردود فعل عفوية، وإنما غسل للمخ من دعاة منحرفين يتسترون بعباءة الدين والدعوة وكذلك معلمين متطرفين فكرياً ومناهج مشوهة تمت تعبئتها وتحريفها بما يخدم التطرف الفكري والديني، بدلاً من أن تكون المناهج مواد تصب في مجملها للمصلحة الوطنية وتعزيز الانتماء الوطني.
نحن أمام مشروع تفتيت مكونات المجتمع من نافذة التعليم، نحن أمام تصدير عمليات القتل باسم الدين من مجاميع ضلت الطريق فكرياً وأصبح هدفها تسميم عقول الشباب بمناهج تعليمية مشوهة من اجل دفعهم إلى هاوية الإرهاب.
ليس المناهج وحدها التي تحتاج إلى التطوير وإنما أيضا القائمون على إعداد المناهج، فمثلما هنا فحوصات دورية لقائد الطائرة والأطباء من أجل التأكد من سلامة حالاتهم النفسية وقدراتهم المهنية على العمل وفقاً للنظم، ينبغي أن يكون هناك تقييم دوري للمعلمين من أجل التأكد من الاعتدال الفكري والقدرة على التعليم من منظور تربوي.
من الضروري التصدي للإرهاب الذي اخترق العالم والخليج من نافذة التطوير والتحديث، فمعظم منفذي العمليات الدموية شباب يافع اندفع نحو نار الإرهاب كما صورها متطرفون أنها الجنة!
عملية التطوير تتطلب قراراً سياسياً يدعم القرار التربوي.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/02/16