صراع المسلمين.. ووفاق المسيحيين!
عبدالمحسن يوسف جمال
مشهدان مختلفان سجّلتهما الأحداث في مفارقة عجيبة، فبينما يستنفر المسلمون جيوشهم وقواتهم للاقتتال في ما بينهم وقتل بعضهم بعضا، بعد أن تزايدت فتاوى التكفير وحوادث التفجير، ها نحن نجد مشهداً آخر يدعو إلى الأخوّة والسلام والتصالح والمحبة بين الجميع.
ففي المكسيك، التقى البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، بطريك موسكو وعموم روسيا للارثوذكس كيريلوس وقبّل أحدهما الآخر.
وأنهيا بذلك قطيعة طويلة بين هذين المذهبين المسيحيين الكبيرين، استمر أكثر من عدة قرون.
الانقسام بين مسيحيي الغرب والشرق بدأ منذ أكثر من ألف سنة، أي منذ عام 1054م، وحدث بينهما كثير من النزاعات والصراع والقتل.
ولكنهما العقل والمنطق اللذان يمكنهما أن يتغلبا على العصبية والجهل.
أنه لقاء تاريخي بين اكبر علماء المسيحية، والمفارقة أنها جاءت على أرض «شيوعية»، وهي جزيرة كوبا.
اجتماعهما استمر ساعتين وعلى انفراد مع المترجمين، وكان اهتمامهما الأول هو وضع المسيحيين في الشرق الأوسط، حيث الصراع على أشده بين «المسلمين»!
هذا اللقاء يفسّره البعض بأنه جاء بتشجيع من القيادة الروسية التي تعي جيدا ما يجري في البلاد العربية، وتعرف جيدا هي والغرب أن الخلاف الكبير بين العرب والمسلمين الذين لا يجدون إلا الصراع والحروب بينهم قد يكون خطرا على المسيحيين هناك، بينما يتمتع غيرهم بالمحبة والسلام!
وهنا نتساءل: أيعقل أن يرى المسلمون كل ذلك وهم يسفكون دماءهم، بينما يخاطبهم نبيهم بألا يرجعوا بعده كفارا، يضرب بعضهم رقاب بعض؟!
هذان المشهدان قد يلخصان الأحداث في منطقتنا الممتلئة بالدماء والرؤوس المقطوعة، بينما نوغل نحن - العرب والمسلمين - في تعميق خلافاتنا والتفنن في صراعاتنا، وتقاتلنا بسلاح نستورده من الخارج، ها هي الزعامات الدينية في الغرب تتصالح في ما بينها، وتتحاب وتتوادّ، وتنبذ خلافاتها جانبا.
فرحماك يا رب، وعذراً لك يا رسول الرحمة والسلام من أمة أبت إلا مخالفة نهجك وأوامرك، وبدلا من إفشاء السلام والتصافي والتآخي، ها هي تصرف الأموال وتعد الرجال للحروب، ليهلك الحرث والنسل، متناسين قوله سبحانه «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».
ما يخفف الأمر أنه بعين الله تعالى، وانه قادر على كل شيء، وأن الأمر بيده أولا وآخرا، فاللهم اكتب ما فيه الصلاح لأمة نبيك المصطفى (صلى الله عليه وآله).
القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2016/02/17