ولايزال البحث عن «الفقر» جارياً
هاني الفردان
يُعدُّ موضوع الفقر في البحرين من القضايا الحساسة والجدلية، ففي ظل قناعة الشارع العام والمؤسسات الأهلية المختلفة بوجوده مع تقلص مساحة الطبقة الوسطى، فإن الجهات الرسمية «تنكر» ذلك وتتمسك بمفهوم «الفقر النسبي».
البحرين تفتقر إلى تعريف واضح لخط الفقر، فيما هو مؤكد أن المقياس الدولي لخط الفقر، أي نسبة السكان الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، غير صالح للبحرين، وأن الإطار العام للأهداف الإنمائية للألفية يتطلب من البلدان المعنية أن تستخدم خطوط الفقر الوطنية وليس المقياس الدولي من أجل رصد التقدم بالنسبة إلى هذا الهدف المحدد.
مؤخراً، كشف وزير العمل والتنمية الاجتماعية عن أن وزارته تعمل حاليًّا على البحث عن بيوت خبرة ﻹجراء دراسة حديثة يتم بموجبها اعتماد خط جديد للحد اﻷدنى المعيشي او ما يسمى عالميّاً «خط الفقر»؛ بما يتوافق مع متطلبات اﻷفراد واﻷسر التي تستحق المساعدة الاجتماعية بما يوفر لها الحياة الكريمة.
حديث الوزير، وسعي الحكومة إلى اعتماد «خط الفقر» ليس جديداً، بل تجاوز عمر ذلك أكثر من عشر سنوات من التصريحات والوعود والبيانات وحتى المؤتمرات الصحافية، لكن دون فائدة.
ما هو معتمد حاليّاً، بحسب الوزير، يعود إلى دراسة قام بها مركز البحرين للدراسات والبحوث في العام 2003، إذ حددت تلك الدراسة «خط الفقر» بـ 56 دينارًا للفرد الواحد؛ و337 دينارًا للأسرة المكونة من 6 أشخاص فما فوق.
تصريح وزير العمل والتنمية الاجتماعية الجديد يتناقض مع تصريح وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة، فالوزير الحالي يتحدث عن بحث الحكومة عن بيوت خبرة ﻹجراء دراسة حديثة يتم بموجبها اعتماد خط جديد للحد اﻷدنى المعيشي أو ما يسمى عالميا «خط الفقر»، فيما كانت وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة في العام 2007 أعلنت قرب إعلان «خط الفقر» في البحرين، إذ كشفت الوزيرة خلال مؤتمر صحافي عقدته في نادي المراسلين في (17 أكتوبر/ تشرين الأول 2007) بمناسبة اليوم العالمي للفقر عن قرب إعلان البحرين خطّاً بحرينيّاً لمستوى الفقر بالتعاون مع البنك الدولي الذي يعد دراسة خاصة بمستوى الفقر في البحرين.
هناك دراسة، وهناك خطة، وهناك عمل قائمة منذ عشر سنوات تقريباً، ومع ذلك خرج الوزير الجديد المعني بالتنمية الاجتماعية ليتحدث مجدداً عن البحث عن بيت خبرة جديد لدراسة جديدة، ما يعني مصاريف وتكلفة جديدة، وضياع أموال على دراسات سابقة وبيوت خبرة لم يستفد منها من قبل، فلماذا؟
الواضح أنه لا يوجد تخطيط في مؤسسات الدولة، ولا تنسيق، ولا عمل مهني يقوم على أسس واضحة، فكل وزير يأتي لينسف عمل الوزير الذي يسبقه، ما يكلف الدولة الكثير من الأموال المهدورة، التي يمكن الاستفادة منها على أقل تقدير في رفع معاناة أسر بحرينية ضمن الأسر المحتاجة.
وزير العمل والتنمية الاجتماعية الحالي يؤكد في رده على سؤال برلماني أن الحكومة وبالتعاون مع البنك الدولي أجرت دراستين حول الحد اﻷدنى للمعيشة في البحرين في العامين 2008 و2010؛ «وقد تمت مناقشة هاتين الدراستين مع اللجنتين الماليتين بمجلسي النواب والشورى؛ إلا أن الحكومة لم تتمكن من اﻷخذ بالنتائج وتنفيذها». وهو ما يعني أن الحكومة تبحث من جديد عن بيوت خبرة لإعداد دراسات جديدة، فلماذا لم تأخذ الحكومة بنتائج دراستين سابقتين للبنك الدولي في 2008 و2010؟
ما هو مؤكد أنه لا يوجد في البحرين من يعيش بأقل من دولار وربع يوميّاً، وهو المقياس الدولي لخط الفقر (الفقر المدقع)، لكن في البحرين أيضاً، وبحسب الجهات الرسمية توجد 15 ألفاً و225 أسرة تستفيد من مساعدة الضمان الاجتماعي، وأن عدد الأسر التي لا تمتلك مصدر دخل يبلغ 7981 أسرة تقريباً غالبيتهم أفراد مسنون، وذلك بحسب تصريحات وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة في (أكتوبر 2015).
هناك أكثر من 15 ألف أسرة محتاجة مسجلة ضمن صندوق الضمان الاجتماعي (وهم فقراء بالمصطلح العام) بحسب ما هو معمَّم من قبل الجهات الرسمية في (أكتوبر2015).
الحكومة بدأت منذ العام 2006 بالتعاقد مع البنك الدولي لوضع دراسة لتحديد خط الفقر في البحرين، ومع ذلك أكملنا العام العاشر على تلك الخطة التي لم ترَ النور بعد لوضع خط فقر بحريني واضح، بل لاتزال الحكومة تبحث عن بيوت خبرة لوضع دراسة لتحديد «خط الفقر»!
الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/02/17