ترامب قد يكون متورطا بدم الخاشقجي
عبد الستار قاسم
بداية لا نستطيع أن نشتري تعليقات بعض السياسيين والإعلاميين الأمريكيين حول مستوى الأخلاق الأمريكية الراقية، ولومهم ترامب على الإخلال بتلك الأخلاق. نحن نعرف كم من القادة والحكام والسياسيين قتلت أمريكا، بخاصة إذا كانوا ينتمون لحركات ثورية أو تطلعات نحو العدالة للجميع. أمريكا قتلت مليون عراقي، وعشرات آلاف السوريين، وأيدت تشريد الفلسطينيين، وغزت الدومينيكان وبنما، وتآمرت على رئيس تشيلي، ورؤساء فنزويلا والبرازيل والأرجنتين. من الصعب الإحاطة بأعمال أمريكا الإجرامية، وهي ما زالت على ذات الممارسات، وهي أكبر دولة تهدد الأمن والسلم العالميين. يكفي أنها تحشر أنفها في كل قضية شائكة عبر العالم وتعقدها لتشتعل الحروب. أي أنها دولة مارقة وبلا أخلاق، وهي فقط دولة مصالح.
المتابع لقضية الخاشقجي يرى الرئيس الأمريكي وهو يتصرف كمراهق لا يشعر بأي مسؤولية. إنه سرعان ما يصفق لرواية سعودية، وبعد قليل يتراجع لينتقد الرواية. هو يقف وحيدا في أمريكا دفاعا عن محمد بن سلمان، في حين أن أجهزة الدولة الأمنية التابعة له تؤكد غير ما يتمنى.
الحقائق أمامه، لكنها لا تصمد أمام رغباته. إنه لا يتصرف كرجل دولة، وإنما كزعيم عصابة تضم محمد بن سلمان بين أعضائها. غرام ترامب بمحمد بن سلمان غير معقول ومبالغ فيه.
السؤال: لماذا يحرص ترامب كل هذا الحرص على هذا الشاب الذي لم نر منه ولا العالم رأىا خيرا. لقد غرق في خيباته الناجمة عن رعونته ومغامراته. هناك احتمالان لموقف ترامب وهما:
أن محمد بن سلمان اتصل بترامب قبل تنفيذ الجريمة لضمان موقف أمريكي لصالحه. فالعلاقة كما يؤكد ترامب باستمرار استراتيجية بين محمد بن سلمان وأمريكا. ولهذا أمريكا شريك فاعل في الحرب على اليمن، وشريك في اعتقال أبناء الأسرة المالكة في السعودية، وشريك في تخريب مجلس التعاون الخليجي، وربما شريك في إهانة رئيس وزراء لبنان. وما دامت المسألة استراتيجية فإنه من غير المعقول أن يقدم ابن سلمان على جريمة من هذا القبيل دون وعد بتغطيته سياسيا من قبل ترامب.
من الوارد جدا أن لابن سلمان مماسك على ترامب، ويخشى ترامب اتخاذ قرارات وفق القوانين الأمريكية خوفا من رد فعل ابن سلمان والذي يمكن أن يشكل سببا للإطاحة بترامب. من الوارد جدا أن يكون ترامب قد حصل على أموال من ابن سلمان، أو وعد باستثمارات يستفيد منها ترامب.
مواقف ترامب من قضية الخاشقجي متقلبة، وتنم عن عدم قدرة على التركيز، وعن خوف من أذى تسببه السعودية لأمريكا، في حين أن ترامب قد كرر عدم قدرة السعودية على البقاء بدون حماية أمريكا. فلماذا الخوف من رد فعل سعودي؟ وترامب لا ينسى تأجيج المشاعر والفتن في المنطقة إذ يبرر تلاعبه وتقلباته بأن السعودية ضرورية لمواجهة إيران، وضرورية لحسن سلوك العرب لصالح الكيان الصهيوني.
وفي تصريحه الأخير حول ربما كان ابن سلمان يعلم بالجريمة يظن ترامب أن العالم كومة من الأغبياء. عندما تدخل كلمة ربما بالعربية أو الإنكليزية أو أي لغة أخرى على الجملة تنزع منها كل معنى. يخضع موضوع الجملة للاحتمالات، وبالتالي لا يحصل القارئ أو المستمع على معلومة أو موقف أو تفسير واضح. ربما تترك التعبير للتفسيرات والاجتهادات.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2018/11/23