الشهيد النمر وترسيخ مبادئ الحقوق والتغيير
علي آل غراش
بداية العام الميلادي مناسبة عالمية، حيث يحرص الكثير من شعوب العالم في كل مكان الاحتفاء بمناسبة قدوم العام الميلادي الجديد، ولكن منذ عام 2015 اكتسبت هذه المناسبة العالمية أهمية خاصة بلون الدم والثورة والغضب والصدمة والحزن الشديد عندما أعلنت سلطات الرياض في اليوم الثاني من يناير 2015 بكل غرور وغطرسة وبرود عن ارتكابها جريمة دموية بشعة صادمة للعالم الذي يحتفل بالعام الجديد، عن قيامها بإعدام العالم الديني والمعارض الشهير والحر الشجاع الشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر مع عدد من الشباب الشهداء: علي الربح ومحمد الصويمل ومحمد الشيوخ بتهمة التعبير عن الرأي والمشاركة في المظاهرات والاحتجاجات (فهم لم يعتدوا على أحد)، وقد أعدمتهم السعودية مع العشرات المتهمين بالإرهاب حسب الروايات الرسمية الحكومية التي لا يمكن تصديق روايتها في ظل غياب الشفافية ومعايير العدالة والمصداقية في محاكم القضاء السعودي التي هي أداة لمزاج السلطة الحاكمة.
جريمة دموية صادمة
إعدام الشهيد الشيخ النمر جريمة دموية صادمة للمعارضين للنظام أو المؤيدين له داخل السعودية او في الخارج، الكل لم يتوقع أن تقدم السلطات السعودية الجديدة عهد الملك سلمان بإعدام الشيخ النمر بعد المطالبات والتحذيرات الدولية والإقليمية والمحلية ومن شخصيات سياسية ودينية ومن مؤسسات عالمية، لم تهتم السلطات السعودية بالنداءات والنصائح ولا بالمطالبات ولا بالتحذيرات من تداعيات عملية القتل للشيخ النمر على داخل السعودية والساحة الإقليمية، لقد ارتكبت السلطات السعودية جريمة مرعبة وخطأ فادحا بقتل أرواح بريئة فالشيخ النمر لم يعتد على أحد ولم يؤيد العنف ولا استخدام السلاح، وإنما كان معارضا لسياسة الاستبداد والفساد وبصوت مرتفع وانتقاد قوي وصريح يتجاوز كافة حدود التعبير في مملكة الصمت التي تمنع التعبير عن الرأي ونقد النظام.
مرافعة الكرامة
الشيخ النمر قد رد على كافة الاتهامات التي وجهت إليه في المحكمة وقد جمعت ردود الشيخ النمر في كتاب (مرافعة كرامة) ولكن للأسف القاضي ينفذ أجندة سياسية أمنية، لم يستطع إحضار الجنود الذين قاموا باعتقال الشيخ النمر الذين للاستجواب للتأكد من الكذب والتزييف للرواية الأمنية لعملية الاعتقال، وزارة الداخلية رفضت حضور أي جندي للمحكمة. الشهيد الشيخ نمر النمر كان شجاعا وصادقا لا يخاف ولا يهاب ولا يتهرب من الإقرار بأي عمل قام به، فهو ضد العنف واستخدام السلاح وكان يكرر بشكل دائم السلاح يخدم الحكومة.
دماء الشهداء واستمرار الحراك
الشهيد النمر شخصية قيادية عظيمة يحب الحياة والعطاء والبناء والإعمار ولكن بكرامة وحرية، فهو يرفض المساومة على الكرامة، ولو الحصول على إطلاق سراحه فهو صاحب الكلمة المشهورة (إلا كرامتي)، واستعداده لتقبل الشهادة في سبيل الحق والعدالة والحرية والدفاع عن المظلومين. فقد اختار الموت بكرامة وشرف وان يساهم بالإصلاح وتحقيق العدالة في حياته أو من خلال شهادته فهو قد قال: "أم نعيش على هذه الأرض أحرارا أو نموت في باطنها أبرارا" . فهو يؤمن بأن دماء الشهداء قادرة على تحريك الشعوب الخائفة والمترددة والتحلي بالشجاعة والقيام بثورة، وإسقاط النظام المستبد المفسد القاتل، فقد قال الشيخ النمر: "أنا على يقين من أن اعتقالي أو قتلي سيكون دافعا للحراك". وبفضل مواقفه وتضحياته تحول إلى رمز للشرفاء والأحرار وأسمه إيقونة فخر واعتزاز لكل من يريد العمل بإخلاص للمجتمع.
الشعب الغاضب والانفجار قادم
أغلب الشعب حاليا في حالة صمت بسبب ترهيب السلطة باستخدام أبشع أساليب القمع والانتهاكات، والتخويف من قبل بعض رجال الدين والشخصيات والوجهاء الذين يقومون بدور تهدئة المجتمع وقتل روح التحرك والحراك والثورة والانتقام من القتلة، وتخويفه من السلطة، ولكن الشعب غاضب ومحتقن سينفجر قريبا بوجه السلطة القاتلة ومن ساعدها ومن دعمها ومن مدحها، ومن أساء للشهيد النمر وللشهداء وللحراك السلمي. اسم الشهيد الشيخ النمر أصبح صرخة تهز عرش النظام القاتل الذي يخاف ويرتعد من ذكر أسم الشهيد النمر وكذلك لكل من وقف مع النظام مهما كان المبرر. نعم سيدفع القتلة من قبل السلطة المجرمة وكل من دعم وأيد الحكومة بقرار إعدام الشهيد النمر الثمن، الله سينتقم منهم وانتقامه شديد، وقد بدأت ملامح الانتقام من الحكومة التي تعيش مرحلة صراع تهز عرشها، وانتقام من بعض الشخصيات التي دعمت الحكومة ضد الشهيد الشيخ النمر حيث تم اعتقال عدد من القضاة منهم من حكم على الشيخ النمر بالإعدام ظلما، وبعض رجال الدين التي مدحت السلطة القاتلة بعد إعدام الشهيد النمر تدفع الثمن بالفضائح والأمراض وغيرها.
الحق وسياسة مجاملة الحكومة القاتلة
الشهيد الشيخ النمر عالم جليل، صاحب أخلاق عالية جدا تواضع جم ومحبة للجميع، عامل بما يؤمن به من تعاليم وقيم دينية، تحمل مسؤولية التمسك بالحق والعدل وضحى بنفسه لأجل الإصلاح، ويتميز بالشجاعة الفريدة والتضحيات الكبيرة، وعدم التعاطي حسب سياسة المصلحة السياسية على حساب القيم والمبادئ. فقد أسس منهجا جديدا يفضح من خلاله رجال الدين والوجهاء والشخصيات التي تعمل بحسب المصلحة السياسية بعيدا عن التضحية. فالشهيد الشيخ نمر النمر عالم على الطريق المستقين لم يجامل على حساب الحقيقة والعدالة ونصرة المظلومين، عالم لم يضع للمصالح السياسية الضيقة والشخصية أي اعتبار، عالم فضح رجال الدين الذين يتعاملون باسم الدين ويرددون أقوال الثائر الخالد الإمام الحسين (ع) بأفواههم أمام الناس على المنابر ويبكون بدموع مزيفة، ولكنهم في لحظة النصرة والتضحية يصبحون أكثر جبنا وتهربا من أهل الكوفة الذين تخلوا عن مسلم ابن عقيل والإمام الحسين في ثورة عاشوراء، ثورة الكرامة والحرية والعدالة.
الشهيد آية الله الشيخ نمر باقر النمر - رضوان الله عليه - اختار أن يسير على منهج الإمام الحسين -عليه السلام- الحقيقي الواضح - طريق الحق والعدل والحرية والكرامة-، رغم انه مليء بالصعوبات والتحديات، طريق بحاجة للشجاعة والتضحية لتكريس القيم السامية، بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة والشخصية والتبريرات.
وقد قدم الشيخ النمر حياته وحياة من معه في درب الشهادة بشرف وعزة لإحياء مبادئ ثورة عاشوراء الحقيقية التي تعني للشهيد النمر ثورة دائمة والتاكيد على انها ثورة حية صالحة لكل العصور وفي كل مكان لمقاومة الإستبداد والفساد والطغيان، ولأجل إسقاط وفضح كل من يحاول جعل عاشوراء مجرد ذكرى فقط لحادثة تاريخية بلا قيم وتضحية، ويسعى لتغيير بوصلتها دون مواجهة الظلم والجور.
ومع ارتوى الأرض من دماء الشهيد النمر تترسخ مبادئ المطالبة بالحقوق والتغيير لأجل الثورة الشاملة وهي قريبة بحاجة للتضحية والفداء كما فعل الشهيد النمر.
وللحديث بقية …
لصالح مدونة الكاتب "علي آل غراش"
أضيف بتاريخ :2019/01/02