المشاركة الحضارية تتطلّب نهجاً مختلفاً
منصور الجمري
العالم يمُرُّ بالعديد من الأزمات حاليّاً، فهناك مثلاً «ظاهرة النينو» التي تحدث لأسباب مناخية، وذلك عندما تتغيّر درجة حرارة محيط من المحيطات ويؤثر ذلك في منطقة مختلفة وبعيدة كلَّ البعد عن المكان الذي ارتفعت فيه الحرارة. ويوم أمس أشار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى أن نحو 16 مليون شخص في جنوب القارة الإفريقية (التي كانت تُعتبَر سلّة غذاء رئيسية) يعانون من الجوع بسبب موجات الجفاف التي فأقمتها ظاهرة النينو المناخية، وحذّر من احتمال أن يصل هذا الرقم إلى 50 مليون نسمة. التحذير الدولي أشار إلى أن ظاهرة النينو قد تتحوَّل إلى حالة إقليمية طارئة، تضاف إلى انخفاض مصادر المياه، وضعف المراعي، وازدياد عدد المواشي النافقة. يأتي هذا التحذير بعد أن سجّل العام 2015 أعلى قياس لظاهرة النينو، وتسبب ذلك في تسجيل أدفأ عام في تاريخ الأرض.
ليست هذه الطوارئ الوحيدة في العالم، فهناك انتشار فيروس زيكا، والذي ينتقل عبر البعوض في عدّة بلدان حاليّاً، ويشكو الأشخاص المصابون من الحمّى الخفيفة والطفح الجلدي، ولا يوجد حاليّاً أي علاج محدد لهذا المرض أو لقاح مضاد له. وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن العيوب الخلقية المرتبطة بانتشار فيروس زيكا أصبحت تمثل «حالة طوارئ صحية عالمية». وقالت المنظمة الدولية إن الأمر يستدعي استجابة عاجلة وموحدة في عموم العالم، إذ يخشى الخبراء من أن الفيروس ينتشر بسرعة وإلى مسافات أبعد، مع نتائج مُدمِّرة.
غير أن العالم لا يقف مكتوف الأيدي؛ فمثلاً أعلن مدير معهد الحساسية والأمراض المُعدية بالولايات المتحدة، أنتوني فوتشي، أمس أن مَصْلاً واقياً من فيروس «زيكا» قد يكون جاهزاً خلال شهور. وكان العلماء في المعهد المذكور قد نجحوا في تحضير مَصْلٍ مُضادٍّ لفيروس الإيبولا، ويحاولون الآن تحضير مَصْل مضادٍّ لزيكا لإعطائه للنساء الحوامل بعد إيجاد صلة بين الفيروس وولادة أطفال بدماغ غير مكتمل النمو. وهناك أيضاً مَصْلٌ ثانٍ يجرى تحضيره في مختبرات في مدينة حيدر أباد في الهند.
أمّا على مستوى توفير الحلول للغذاء، فهي كثيرة جدّاً، ومنها ما تسعى إليه جامعة ماستريخت الهولندية لإنتاج لحوم من الخلايا الجذعية للبقر، ويتوقعون أن يتم تسويق منتج اللحوم في العام 2020، ومن المحتمل أن يتمكّن الإنسان من أكل «برغر» مُصنَّعة بالكامل، من دون الحاجة لذبح بقرة في المستقبل.
ولكن السؤال هو: أين مشاركة بلداننا العربية والإسلامية النوعية في معالجة هذه الأزمات الإنسانية؟ الجواب الذي يمثل هزيمة حضارية هو: «لا شيء»... بل العكس؛ فلدينا جماعات تحمل اسم الإسلام، مثل «بوكو حرام» والتي قامت في الأيام الأخيرة بمهاجمة الأسواق وسرقت الآلاف من الماشية في نيجيريا والكاميرون، وتسبّب ذلك في إغلاق أربع أسواق للماشية في شمال نيجيريا وتعليق تجارة الماشية. مع الأسف، فإنّ الكثير من المسلمين مشغولون بتوافه الأمور وفي تبرير قتل الآخرين وقتل أنفسهم. إن المشاركة الإيجابية للعرب والمسلمين تتطلب نهجاً مختلفاً، ينفتح على العالم بروحيّة تمثل الجوهر الخلاق للحضارة الإسلامية.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/03/05