بين أنقرة والرياض... صراعات على حافة الهاوية
ربى يوسف شاهين
كثيرة هي الصراعات الحاصلة في المنطقة، من الحرب على سورية مروراً بالحرب على اليمن، لتطال يد الفاعلين الإقليميين، مرتكزات هذه الحروب، فعلى صعيد سورية أبدت كلّ من السعودية وتركيا اتجاهاتهما والتي تعدّ مشتركة لتصبّ في إشعال فتيل الحرب وازدياد الفوضى في سورية والمنطقة، الرياض جهدت عبر تمويلها للإرهابيين لتنفيذ حربهم على سورية بكلّ الوسائل الممكنة، فالملف السوري كان من أولوياتها، وهنا أيضاً تتلاقى تركيا معها، فكلتاهما كانتا رأس حربة في هذه الحرب، ولكن التركي كان أكثر تعمّقاً في تبيان هدفه عبر دخول الأرض السورية، محتلاً ومغتصباً لها تحت ذريعة الخوف من تهديد ما يسمّى «الأمن القومي» لتركيا، لتشكل كلّ من الرياض وأنقرة خطين متوازيين في الأهداف من سورية.
علاقة السعودية بتركيا بدأت تتدهور رغم هذا الاتفاق بالأهداف المشتركة في ما بينهما لجهة الحرب على سورية، فالسعودية تكنّ العداء لتركيا على خلفية أنها عماد تنظيم الاخوان المسلمين الذي تحاربه السعودية، وتركيا أيضاً تجد في السعودية عدواً لها لمحاربتها الاخوان المسلمين، لا سيما بعد التطورات التي جاءت عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلادة في تركيا، حتى أنّ مفاعيل هذه القضية، زادت في الشرخ الحاصل بين البلدين، وأسّست لجملة واسعة من الاصطفافات الإقليمية والدولية.
أردوغان دعم الحرب الوحشية للسعودية على اليمن في بداياتها، ولكن مع التطورات التي حصلت تباينت المواقف التركية من الحرب اليمنية، لتغادر أنقرة صفوف الداعمين لهذه الحرب، وتصبح من الرافضين لهذه الإبادة الجماعية عبر تصريحات أدلى بها مسؤولون سياسيون أتراك تعكس السخط التركي من استمرار هذه الحرب، أما رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان فقد أكد في وقت سابق على ضرورة إيقاف الحرب على اليمن، كما أكد على ضرورة إقامة محادثات للسلام لإيقاف هذه الحرب، وهذا كان بالتوازي مع إبداء رأيه بالنسبة لقضية خاشقجي، والتي كانت حاضرة بقوة في قمة العشرين، ليدلّ ذلك على محاولة أردوغان التضييق على محمد بن سلمان، ولإضعاف موقفه في العديد من الملفات الإقليمية والدولية.
يحاول أردوغان النيل من ابن سلمان عبر كبح جماحه في اليمن، واقصائه نهائياً من مسارات الحلول المقبلة في سورية، لا سيما أنّ تركيا قرأت مواقف السعودية الداعمة للأكراد، وهذا ما اعتبرته تطوراً خطيراً يجب الالتفاف عليه وتقويضه.
إنّ الخذلان الذي مُنيت به تركيا من واشنطن بالنسبة للأكراد، جعلها تحاول خلق توازنات جديدة على الأرض، لتقويض موقف السعودية بمسألة الاكراد، فمن جهة تدرك انّ الملف الكردي يشكل الملف الأهمّ لدى الحكومة السورية، والذي لا يمكن تجاوزه، ومن جهة أخرى تدرك محاولة محمد بن سلمان لتوطيد علاقته بالأكراد في العراق وسورية، والذي إذا نجح في ذلك، سيترتب عليه المزيد من الضغوطات السياسية على أردوغان في مسألة التفاوض بشأن الملف الكردي.
المنافسات الإقليمية والدولية بين تركيا والسعودية، أدّت إلى تحديات وصراعات قد تتعاظم في ظلّ هذه التجاذبات السياسية الحاصلة، ومسألة التفوّق السياسي الذي يحاول كلّ من أردوغان وابن سلمان نزعه من الآخر، ستقرّره نتائج الحرب السورية واليمنية.
جريدة البناء اللبنانية
أضيف بتاريخ :2019/02/13