الحرمان من الإنترنت
عبد الله بن إبراهيم الكعيد
عقوبةٌ جديدة تُضاف لقائمة العقوبات التي بات القُضاة في بلادنا يلجأون اليها مُؤخرا لمعاقبة بعض المُسيئين. حكم أحد القضاة على مواطن أيّد داعش في تغريدات له على موقع "تويتر" بالإضافة لعقوبات أخرى عقوبة الحرمان من الإنترنت حفظاً له وللمجتمع (حسب الحُكم).
رأيته حكما يستحق التأمل من أبعاده المختلفة فلو قيل لأي متهم في الماضي وقبل دخول شيء اسمه "الانترنت" في حياتنا بأن القاضي سيحكم عليك بالحرمان لرقص المتهم فرحاً لأنه ربما يعتقد بأن العقوبة توازي الحرمان من مشاهدة التلفزيون مثلا! بينما الحرمان من الانترنت التي تغلغلت في مفاصل حياتنا موجع ومؤثر بالفعل.
الأحكام البديلة وخصوصا لبعض الجنح أو المخالفات الأخلاقية وما في حكمها أعتقد بأنها أفضل بكثير من الجلد أو السجن حتى وإن سمي اصلاحية فالجلد ربما يولّد في النفس جرحا غائرا يصعب البرء منه.
أحكام مثل تنظيف أماكن العبادة والمدارس أو الخدمة في دور المسنين والجمعيات الخيرية أو مراكز تأهيل المعاقين تؤتي نتائج أفضل في الإصلاح والتهذيب والمعالجة.
اللجوء لعقوبة السجن في كل القضايا أو معظمها يُشكّل عبئا كبيرا على الاصلاحيات حيث يتكدّس السجناء في العنابر بشكل غير انساني وهناك يحدث كل ما لا يخطر على البال ولا تتحقق النتائج المرجوة من العقوبة بل ربما يتعلّم السجين الاجرام باختلاطه بالمجرمين وأرباب السوابق ويخرج مجرما تفور مشاعره رغبة في الانتقام. عكس لو كانت العقوبة خدمة اجتماعية يؤديها وهو طليق وتحت المراقبة.
الاحكام البديلة أكيد لا تنفع مع ارباب السوابق أو المنحرفين الذين لم تنفع معهم العقوبات التقليدية بل تنفع وتؤثر فيمن ارتكب جنحة لأول مرة أو فعلا لا يندرج ضمن (الجرائم) التي نصّت عليها القوانين وتم ضبطه بواسطة أجهزة الضبط النظامية، وأعتقد أن الكثير من القضايا المنظورة في محاكمنا هي من هذا النوع.
الحرمان من الانترنت عقوبة بديلة موجعة ومؤثرة شريطة الكيفية في تفعيلها خصوصا وأن الأساليب الاحتيالية في الدخول للشبكة سهلة وميسرة.
صحيفة الرياض
أضيف بتاريخ :2016/03/12