“سيرة شيطان”!
د. نبيل نايلي
“كنت مدير وكالة المخابرات المركزية لقد كذبنا وخدعنا وسرقنا.. لقد كانت لدينا دورات تدريبية كاملة في ذلك”. وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.
لطالما اتهم المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية ، ووزير الخارجية الآن مايك بوميو، ويكي ليكس معتبرا أنّها “مجرّد وكالة استخبارات معادية للدول” تتلاعب بها روسيا. ومنذ اقدامه على هذا الادعاء في أبريل 2017 يوم كان مديرا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، كُرّر هذا القول على أعمدة الصحف الكبرى وبات جوليان أسانج وويكي ليكس “عملاء روسيين” بامـتياز ووُظّفت هذه السردية ذريعة لخنق الصحافة المستقلّة ولجم أصوات الرّاغبين في التبليغ عن الحكومة.
خلال جلسة الأسئلة والأجوبة، اعترف بومبيو بأنّ التدريب والثقافة في وكالة الاستخبارات المركزية تضمّنا الخداع والكذب ثم تباهى مزهوا: “لقد كذبنا، وخدعنا، وسرقنا”.
“ما هو الشعار في كلية العسكريين وست بوينت، West Point؟ إنّه: “لن تكذب أو تغش أو تسرق أو تتسامح مع من يفعلون ذلك”. لقد كنت مدير وكالة المخابرات المركزية وكذبنا وخدعنا وسرقنا! كان لدينا دورات تدريبية كاملة.. يذكّر ذلك بمجد التجربة الأمريكية. “!!
ولكن أكان بومبيو أو أي مدير حالي أو سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية صرّح بمثل هذا الادعاء دون تقديمه أدلّة مقنعة – كالتأكيد مؤخّرا على أنّ الصين وروسيا هما من “ساعدتا على تدمير فنزويلا” من خلال الاستثمارات – فمن سيصدّق بعدها مسؤولا في وكالة الاستخبارات المركزية؟ من المؤكّد أنّ وسائل الإعلام الرئيسية عادة ما تحمل كلام مسؤولي الاستخبارات محمل الجد، لكن بومبيو نفسه اعترف مؤخرا بأنّ وكالة الاستخابرات المركزية كثيرا ما “لجأت إلى أساليب الكذب والغش والسرقة”.
فقد تحدّث مايك في جامعة تكساس، التي اشتهرت بكونها مكانا مفضّلا لتجنيد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية، حتى أنّ أحد رؤساء الجامعة السابقين روبرت غيتس كان رئيسا للوكالة، وعمل لاحقًا كرئيس لبوش ووزير دفاع أوباما.
على الرغم من أنه قد يكون من المتوقّع و”الطبيعي” حدوث شيء من الخداع والكذب من الجواسيس لارتكاب أعمال التجسّس، فإنّه من الغريب أن يعترف بومبيو بما اعتيره “مجد التجربة الأمريكية”!! كما لو أنّ المخابرات المركزية الأمريكية والمسؤولين الحكوميين يتعاملون مع الكذب على أنّه المجد الذي يفاخرون به!!!
ملاحظة أخيرة جديرة بالاهتمام ومثيرة للقلق في آن تتعلّق بمقاربة بومبيو للدبلوماسية، إذ: “تسير الدبلوماسية والضربة العسكرية جنبا إلى جنب” ، على حدّ قوله : “إنهما مرتبطتان بالفعل ارتباطًا وثيقا وتعتمد كلّ منهما على الآخرى “!!
ومن الأنكى والأمّرأنّ مذيع الأخبار الدينية المسيحية كان الوحيدالذي بدا وكأنّه من أعار كلمات بومبيو اهتماما فوصفها على النحو التالي:
“هذه ليست سيرة ذاتية لوزير خارجية … إنها سيرة الشيطان”!!!
باحث في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، جامعة باريس.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2019/04/27